التضخم السالب يرعب أوروبا

تتخوف دول منطقة اليورو من عودة معدل التضخم السالب إلى اقتصاداتها مرة أخرى بعدما تخلصت منه قبل عامين. ويعني التضخم السالب تراجع التضخم إلى أقل من صفر، أي انكماش القوة الشرائية اللازمة لتحقيق النمو الاقتصادي.

وكانت أوروبا قد عانت طوال سنوات من التضخم السالب، وهو ما اضطرها لتبني سياسة سعر الفائدة المصرفية السالبة حتى تتمكن من دفع المصارف التجارية لزيادة حجم القروض الشخصية وللشركات. وكان البنك المركزي الأوروبي قد ذكر في تصريحات، في شهر يونيو/ حزيران الماضي، أنه يتوقع تراجع معدل التضخم، بينما ذكرت بيانات، يوم الثلاثاء، أن التضخم بمنطقة اليورو تراجع إلى نسبة سالب 0.2%.

وكانت المصارف التجارية قد شددت من إجراءات منح القروض الشخصية ضمن خطوات تقليل المخاطر الائتمانية. وقال محللون اقتصاديون، يوم الثلاثاء، إن البنك المركزي الأوروبي سيتعين عليه اتخاذ مزيد من الإجراءات لاحتواء تأثير جائحة فيروس كورونا على منطقة اليورو، بعد أن أصبح التضخم سالباً في المنطقة.

وفي وقت تضعف فيه حركة الصادرات الخارجية لدول منطقة اليورو، خاصة ألمانيا، أظهرت بيانات، أمس الأربعاء، تراجعاً مفاجئاً لمبيعات التجزئة الألمانية على أساس شهري في يوليو/ تموز، وهو ما حطم الآمال في أن يصبح إنفاق الأسر في أكبر اقتصاد في أوروبا مؤثراً بما يكفي ليقود تعافياً قوياً للاقتصاد وإخراجه من صدمة جائحة فيروس كورونا.

وحسب وكالة رويترز، أظهرت البيانات المعدلة في ضوء التقويم الصادر عن مكتب الإحصاءات الاتحادي في العاصمة الألمانية برلين انخفاض مبيعات التجزئة بنسبة 0.9 بالمئة بالأسعار الحقيقية على أساس شهري بعد تراجع معدل بلغ 1.9 بالمئة في يونيو/ حزيران. وخالف هذا توقعاً لرويترز بزيادة 0.5 بالمئة، لكن مبيعات التجزئة مؤشر يتقلب كثيراً، ما يجعله عرضة للتعديل.

أما على أساس سنوي، فقد أظهرت البيانات صعود مبيعات التجزئة 4.2 بالمئة بالأسعار الحقيقية بعد زيادة معدلها صعوداً، وبلغت 6.7 بالمئة في الشهر السابق. وقال المكتب إنه بالمقارنة مع فبراير/ شباط، الشهر الذي سبق تفشي الجائحة، فإن مبيعات التجزئة كانت أعلى 0.9 بالمئة بالأسعار الحقيقية في يوليو/ تموز، ما يشير إلى أن هذا القطاع من الاقتصاد تمكن من التعافي بشكل سريع نسبياً. وفي أول سبعة أشهر من العام، زادت مبيعات التجزئة 2.6 بالمئة بالأسعار الحقيقية رغم الأزمة.

وكشفت البيانات عن فجوات هائلة داخل القطاع، إذ انهارت مبيعات المتاجر التي تبيع المنسوجات والملابس والأحذية والمنتجات الجلدية بأكثر من الربع في الفترة من يناير/ كانون الثاني حتى يوليو، في حين زاد تجار التجزئة عبر الإنترنت مبيعاتهم بنسبة 20%.

إلى ذلك، قال وزير الاقتصاد الإيطالي روبرتو جوالتيري، أمس الأربعاء، إن انكماش الناتج المحلي الإجمالي للبلاد سيتجاوز ثمانية بالمئة بقليل، مؤكداً أن الإنتاج في الربع الثالث سيسجل “تعافياً قوياً”. وذكر مكتب الإحصاءات الوطني، في الأسبوع الماضي، أن الاقتصاد سجل انكماشاً قياسياً بنسبة 12.8 بالمئة في الربع الثاني مقارنة بالربع الأول من العام الذي سجل فيه نسبة هبوط 5.5 بالمئة.

ويواصل فيروس كورونا ضرب الاقتصاد الإيطالي. وكانت الحكومة الإيطالية قد توقعت في إبريل/ نيسان الماضي، أن ينخفض الناتج المحلي الإجمالي للعام كاملاً بنسبة ثمانية بالمئة. وفي وقت لاحق، توقع بنك إيطاليا المركزي انكماشا للاقتصاد بنسبة 9.5 بالمئة، بينما توقع صندوق النقد الدولي انكماشاً بنسبة 12.8 بالمئة.

وقال الوزير أمام لجنة برلمانية: “حين قلنا رقم سالب ثمانية بالمئة، لم نكن نعرف إلى متى ستستمر إجراءات العزل. الناتج المحلي الإجمالي سينخفض أكثر من ثمانية بالمئة، لكن ليس كثيراً”. وتُعد إيطاليا من بين أكثر الدول التي تضررت بجائحة كورونا، إذ إنها ظلت تعاني من الضعف الاقتصادي طوال العام الماضي.

وتعاني إيطاليا من ضعف حركة السياحة بسبب كورونا، كما تعاني أصلاً من قطاع مصرفي مثقل بالديون ومعرض للانهيار، كما أن المستثمرين هربوا من السوق المالي الإيطالي خوفاً من الخسائر.

مصدرالعربي الجديد
المادة السابقةدبي تبيع سندات دولية للعودة لأسواق الدين العام
المقالة القادمةأزمة كورونا تحاصر أرباح المصارف رغم تريليونات الكاش