دبي تبيع سندات دولية للعودة لأسواق الدين العام

باعت دبي سندات دولية في أول عملية بيع لها في أسواق الدين العام منذ ست سنوات مدفوعة بتداعيات أزمة كورونا خصوصا على القطاعين العقاري والسياحي في وقت تقول فيه مؤسسات ائتمانية ومالية إن هوامش هذه السندات غير متناسبة مع مؤشرات الدين ونسبة العجز في الموازنة.

لجأت دبي إلى إصدار سندات دولية مقومة بالدولار للحصول على دعم مالي من سوق الدين الأجنبية لتمويل المالية العامة المتضررة جراء الوباء في خطوة هي الثانية بعد جمعها لموارد أخرى من وسائط دين مختلفة العام الجاري.

باعت حكومة دبي سندات على شريحتين بملياري دولار الأربعاء، في أول عملية لها بأسواق الدين العام خلال ست سنوات، في الوقت الذي تسعى فيه الإمارة لدعم أوضاعها المالية المتضررة من أزمة فايروس كورونا.

وبحسب وثيقة صادرة عن أحد البنوك التي تقود العملية اطلعت عليها رويترز، باعت دبي صكوكا لأجل عشر سنوات بمليار دولار عند 210 نقاط أساس فوق متوسط أسعار مبادلة الفائدة الثابتة والمتغيرة وسندات تقليدية لأجل 30 عاما بمليار دولار عند أربعة في المئة.

واستقطبت الإمارة طلبات شراء تزيد على 6.5 مليار دولار للصكوك وبأكثر من 3.5 مليار دولار للسندات.

وقال مدير صندوق متحدثا عن التسعير الأولي رفض نشر هويته “لا قيمة في الصكوك لكن سيكون هناك مشترون محليون”. وجرى تقليص التسعير الأولي خلال بناء سجل أوامر الاكتتاب 40 نقطة أساس للصكوك و37.5 نقطة أساس للسندات التقليدية.

وقال تيم آش خبير الأسواق الناشئة لدى بلوباي لإدارة الأصول “التسعير جذاب لدبي وأموال أقل على الطاولة للمستثمرين”.

وقال مدير صندوق آخر إن التسعير “رائع” النسبة لدبي. وقال “من المنطقي أنهم قادرون على الإصدار بخصم” بعد إصدار ديون ناجح للجارة الأكثر ثراء أبوظبي الشهر الماضي.

ويأتي أول إصدار دين عام للإمارة وهي مركز للتجارة والسياحة في الشرق الأوسط منذ 2014 في ظل تراجع اقتصادي حاد أحيا مخاوف بشأن المالية العامة لدبي وأعاد للأذهان أزمة ديون عام 2009 التي عرقلت اقتصادها.

وتظهر نشرة طرح السندات أن ميزانية دبي ستسجل عجزا بـ3.2 مليار دولار في العام الجاري.

كما أظهرت أنه بينما تبلغ الديون المباشرة للحكومة حوالي 34 مليار دولار في نهاية يونيو، فإن دبي لم تضع تقديرات مجمعة لإجمالي الديون القائمة للكيانات التابعة للحكومة.

وقال مدير صندوق ثان “إنها دائما واحدة من النقاط السلبية الكبيرة لدى دبي، لكنه في الحقيقة أكثر سر مُفشى. بوضوح، السوق لا تتعامل مع الأرقام في ظاهرها أيضا”، مضيفا أن هوامش سندات دبي الحالية لا “تتناسب مع ما تشير إليه أرقام الدين الأساسي والعجز”. ورفض جميع مديرو الصناديق ذكر أسمائهم.

وقالت شركة أزور إستراتيجي للاستشارات والأبحاث إن دبي غير مصنفة، مما قد يبعد مجموعة من المستثمرين عن طرح الدين.

وأضافت في تقرير الثلاثاء “عملية التصنيف ستتطلب إفصاحا أكثر تفصيلا عن الوضع الائتماني لدبي”.

وفي يوليو، قالت وكالة ستاندرد اند بورز إن اقتصاد دبي قد ينكمش 11 في المئة في العام الجاري، إذ خفضت التصنيف الائتماني لشركتين من كبريات الشركات العقارية في الإمارة إلى مستوى مرتفع المخاطر.

ويأتي الإصدار في الوقت الذي تعكف فيه الإمارات وإسرائيل على تعزيز الاستثمار بين الدولتين بعد الاتفاق الشهر الماضي على تطبيع العلاقات.

وكانت دبي قد كلفت بنوكا لتقديم المشورة بشأن عودتها إلى أسواق الدين العالمية في ظل مساعي دعم ماليتها المتضررة.

وقدرت شركة الأبحاث كابيتال إيكونوميكس ومقرها لندن أن إجمالي الديون المستحقة على حكومة دبي والكيانات المرتبطة بها حوالي 15.9 مليار دولار يحل أجلها في العام المقبل منها 13.7 مليار دولار مستحقة على الكيانات التابعة. وأضافت أن اقتصاد دبي قد ينكمش حوالي 12 في المئة العام الجاري.

ونتيجة تضرر قطاعات اقتصادية حيوية من الجائحة، سبق وجمعت العام الجاري 3.6 مليار دولار من خلال أدوات دين مختلفة.

ويشمل ذلك تسهيلات دين إسلامية لمدة عشرة أعوام بقيمة 7.7 مليار درهم وقرضا ثنائيا لمدة سبعة أعوام حجمه 275 مليون دولار وقرضا لمدة ثمانية أعوام بمليار درهم وأداتين للدخل الثابت بمليار درهم و700 مليون دولار.

وجرى استخدام جزء من الأموال التي جمعت لتغطية تكاليف خاصة بإكسبو دبي 2020 الذي تم تأجيله لمدة عام بسبب تفشي فايروس كورونا ولتقديم دعم مالي لشركة طيران الإمارات المملوكة لحكومة دبي التي عانت من أزمة مالية بسبب كوفيد – 19.

وتضرر اقتصاد دبي بشدة جراء تدابير احتواء الفايروس التي أدت إلى شبه توقف قطاعات حيوية مثل الطيران والسياحة، حيث تفتقر الإمارة إلى الثروة النفطية لجارتها الثرية أبوظبي لتخفيف التداعيات الاقتصادية.

وتفتقر دبي إلى الثروة النفطية، كالتي تحوزها أبوظبي لتخفيف التداعيات السلبية، المنجرة عن سلسلة من العوامل عمقتها أزمة الوباء.

واضطرت الإمارة الثرية، موطن أطول مبنى في العالم برج خليفة، إلى إغلاق مراكز التسوق الشهيرة والمطاعم الراقية والأسواق التقليدية لمدة شهرين لمكافحة انتشار الوباء.

ويرى محللون أن الضغوط التي تواجهها دبي ليست بدرجة خطورة ما واجهته في 2009، ولكن لكونها أكبر مركز للمال والتجارة والسياحة في المنطقة، فقد تضررت من التباطؤ الاقتصادي بدول الخليج نتيجة لهبوط أسعار النفط العالمية.

مصدرالعرب اللندنية
المادة السابقةالحظر الأميركي لهواوي يحوّل الاستثمارات الصينية إلى روسيا
المقالة القادمةالتضخم السالب يرعب أوروبا