التفكُّك بعد الانهيار؟

هناك طمأنينة سائدة في الأوساط السياسية: لبنان ممنوع من التفكُّك مَهما تمادى في انهياره. على الأرجح، هذا الانطباع في محلِّه. لكن بعض المتابعين يسجّل أنّ مخاطر التفكُّك القائمة حالياً أكبر من تلك التي كانت خلال الحرب، بل ربما تكون الأكبر في تاريخ لبنان. ويلاحظ هؤلاء، أنّ الانهيار المالي أشدّ خطراً على الدولة من الانهيار الأمني والعسكري الذي عاشه لبنان خلال الحرب. وفي عبارة أكثر دقّة، لبنان يعتمد على ركيزتين عسكرية مالية، فإذا سقطت إحداهما يصاب بالضعف، ولكن، إذا سقطتا معاً يسقط هو أيضاً.

في اعتقاد المتابعين، أنّ على لبنان أن يحاذر فقدان مقومات صموده نهائياً، بضياع مؤسساته العسكرية والمالية في آن معاً. ففي هذه الحال، ستصبح السلطتان التشريعية والتنفيذية مجرد هيكلين فارغين لا قدرة لهما على التماسك. ومن هنا يفسّر هؤلاء حرص القوى الدولية الطارئ على حماية الجيش من السقوط، بعد سقوط الليرة والمصرف المركزي.

الواضح أنّ الانهيار المالي والنقدي والاقتصادي والاجتماعي، في ظل الفشل السياسي الكامل، سيفرض سيناريوهات دراماتيكية. وواقع الجوع والوجع والاحتقان الاجتماعي سيدعم حتماً دور المرجعيات الطائفية والمذهبية والأمنية في كل منطقة.

وأسوأ ما يمكن توقّعه هو أن ينهار كل شيء ولا تتوافر القدرة أو الإرادة للتأسيس مجدداً. في هذه الحال، يتكرّس الأسوأ، أي الاهتراء والتفكّك، ما دام التقسيم مرفوضاً والفدرالية ممنوعة والدولة المركزية قد سقطت بحكم الفشل. وعندما يكون الحوار مقطوعاً، هل مِن بديل سوى الصدمات الأمنية؟

مصدرجريدة الجمهورية - طوني عيسى
المادة السابقةمبادرة فرنسية لحماية اللـــيرة اللبنانية؟
المقالة القادمةمرافئ لبنان تفقد جاذبيتها: التصدير يتعرقل