مسلسل إنهيار مقومات الدولة مستمر بشكل دراماتيكي، وآخر فصوله عدم قدرة اللبناني الحصول على جواز سفر، بكل ما تحمله هذه الوثيقة من رموز الهوية الوطنية والسيادية، ورغم ما تُشكل من حاجة ضرورية، تعزز حق المواطن في حرية النقل والإنتقال.
المفارقة المحزنة فعلاً، أن ملف طبع الجوازات جاهز منذ حوالي سنة، ولكن الخلاف بين البنك المركزي ووزارة المالية على إحتساب سعر صرف الدولار على السعر الرسمي أم حسب منصة «صيرفة»، أبقي هذا الملف، على أهميته، في الأدراج المالية، فيما الحكومة وكبار المسؤولين غافلون عن هذا الموضوع الحيوي والسيادي بإمتياز، وكأن الأمر لا يعنيهم، لا من قريب ولا من بعيد.
ويؤكد الفشل الرسمي في إيجاد الحل البديهي لهذه المشكلة قبل أن تتفاقم، وتهدد سمعة الدولة، وتُسيء لمكانتها الداخلية والخارجية، مدى عجز السلطة في إتخاذ الخطوات الضرورية لوقف الإنحدار المخيف، والذي يجرف بطريقه ما تبقى من مؤسسات رسمية، وأجهزة أمنية، والقضاء على آخر القواعد والأسس التي تقوم عليها الدولة.
لقد كشف المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم أن عملية طبع الجوازات الجديدة تؤمن عائداً صافياً للخزينة يزيد عن التريليون من الليرات اللبنانية، ويحفظ كرامة الدولة، ويلبي حاجات المواطنين لوثائق السفر، سواء كانوا مقيمين أم مغتربين، سيما وأن اللبنانيين العاملين في الخارج يتعرضون للطرد من البلدان التي يتواجدون فيها بمجرد إنتهاء صلاحية جوازاتهم، التي ُتجَدّد على اساسها إقاماتهم.
عمليات الهدر والسمسرات مستمرة بمئات الملايين من الدولارات في طول الدولة وعرضها، دون حسيب أو رقيب، في حين أن المطلوب لطباعة الجوازات مبلغ لا يزيد عن خمسة عشر مليون دولار فقط، يتقاذف المسؤولون تهمة عرقلة فتح الإعتمادات اللازمة،قبل أن تنفد البقية الباقية من المخزون الإستراتيجي للجوازات.
الفشل والعجز والفساد أوصلت البلاد والعباد إلى قعر جهنم، .. ومع ذلك مازال المبشرين بجهنم يتحدثون عن قرب قيامة لبنان، وخروج اللبنانيين من بؤس هذا المصير!
هل هي أحلام اليقظة..، أو أوهام خادعة..، أم مجرد وعود كاذبة؟!