الحفاظ على “بعض” الدولة أو إلى مزيد من التدهور… والإنهيار

بعد تحذير صندوق النقد الدولي في التقرير الذي اصدره أن لبنان على مفترق طرق خطير، كرّت سبحة التحذيرات وسط توالي مظاهر الإنهيارات في معظم قطاعات الدولة، وهذه المرّة من المسؤولين والوزراء أنفسهم الذين باتوا عاجزين عن ضبط أو حثّ الموظفين على أداء عملهم والقيام بالحدّ الأدنى من الخدمات العامة.

القرم: إقتراح الإستعانة بالجيش

أمس الأول دعا وزير الإتصالات في حكومة تصريف الأعمال جوني القرم الدولة الى تحمّل مسؤوليتها وتلبية حاجات قطاع الإتصالات المادية داعياً موظفي أوجيرو الى العمل، فالإنترنت «سيئ» بسبب عدم توفّر المازوت، وموظفو أوجيرو في حالة إضراب حتى زيادة رواتبهم على غرار موظفي القطاع العام. وفي السياق جدّد أمس القرم دعوة نقابة موظفي هيئة «اوجيرو» الى «فكّ» إضرابهم لأن الحوار هو الباب الأفضل لسلوك طريق الحل، وذلك خدمة لقطاع الاتصالات وللقطاعات كافة . كما دعا في المقلب الآخر مجلس الوزراء الى عقد جلسة طارئة وعلى جدول أعمالها ملف موظفي هيئة «أوجيرو». وكان وزير الاتصالات في حكومة تصريف الاعمال أعلن قبلاً أنه تشاور مع الرئيس نجيب ميقاتي وطلب تدخل الجيش لاستلام قطاع «أوجيرو» بالكامل. فلا يقبل بأن يأخذ أحد المواطن كرهينة، فقطاع الانترنت أمر ضروي وأساسي لاستمرار الحياة وممنوع أي توقف».

الإنزلاق نحو المجهول

اما وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال يوسف الخليل فدقّ بدوره أمس ناقوس الخطر في تصريح اذ قال: «يقع لبنان اليوم على منعطف خطير، فإما الحفاظ على كيان دولة ومؤسسات قادرة على إدراة شؤون الدولة ، أو أننا سنكون أمام مزيد من التدهور والانزلاق نحو المجهول».

وقال إن «انعقاد جلسة لمجلس الوزراء مخصصة للبت بمسودات مشاريع المراسيم التي رفعتها وزارة المالية بشأن تعويضات الإنتاجية وبدلات النقل لموظفي الإدارات والمؤسسات العامة والأسلاك العسكرية عن أيام العمل الفعلية الى غيرها من الشؤون اليومية الحياتية، أمر بغاية الأهمية لإعادة العمل الى الإدارات العامة والمؤسسات بطريقة مستدامة، فتعطيل المرافق العامة يكلف الخزينة خسارة موارد هامة في وقت هي بأمس الحاجة لتأمين واردات وتمويل الحد الأدنى من الخدمات العامة».

وشدّد الخليل على أن «كل يوم يضيع من دون إعادة تفعيل العمل في القطاع العام يرتب أعباء جمة، ويدفع بالأوضاع إلى مزيد من التدهور»، مشيرا إلى أن «الانهيار إذا ما أصاب القطاع العام فذلك ينعكس حكماً عرقلة في بعض شؤون القطاع الخاص المرتبطة بالإدارة، ويفتح الباب أمام نشوء قطاعات عشوائية وفلتان لا يمكن ضبطه، وتغرق بالتالي القطاعات الاقتصادية في خسائر أكثر».

إعتصام المتقاعدين

وفي الغضون، علا أمس صوت العسكريين المتقاعدين في الجيش، مطالبين باحتساب رواتبهم وفق سعر صرف 28.5 ألف ليرة. فنفّذ المجلس التنسيقي للمتقاعدين في القطاع العام اعتصاماً، في رياض الصلح، بمشاركة كثيفة من تجمّع «الولاء للوطن»، إضافة إلى رابطة قدماء القوات المسلحة اللبنانية ومختلف مجموعات العسكريين المتقاعدين دعماً لمطالبهم المعيشية، وسط انتشار أمني كثيف للجيش والقوى الأمنية ومكافحة الشغب. وتمّ رفع لافتات تدين المسؤولين وتندّد بما آلت إليه الأوضاع الاقتصادية والمالية والمصرفية والمعيشية الخانقة والكارثية .

وأجمعت كلمات عدد من المحتجين على «التنديد بالمسؤولين الفاسدين الذين سرقوا شعبهم ودمّروا البلد بكلّ مؤسساته وإداراته»، محذرين «السلطة من تمييع وتضييع قضيتهم المحقة وصولاً إلى تصعيد لا تُحمد عقباه».

ثم توجه عدد من المحتجين الى أمام مصرف لبنان للتظاهر، وحاول عدد من العسكريين المتقاعدين إزالة الأسلاك الشائكة، في مواجهة فرقة مكافحة الشغب. وكانت مواجهات بين الجيش اللبناني والعسكر المتقاعد.

فرصة أخيرة حتى الإثنين

والتقى وفد من العمداء السابقين جورج نادر وسليم طوق ورياض ابراهيم تشكّل إثر الاعتصام والتظاهرة من ساحة رياض الصلح الى مصرف لبنان والتصعيد المتمثل باقتحام بوابة المصرف وقطع الطريق، حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وتم خلال اللقاء التأكيد على المطالب لا سيما قبض الراتب على سعر منصة صيرفة بـ28500 ليرة للدولار، وليس 60 ألف ليرة كما تم تسريب خبر عن اعتماده في عملية سحب رواتبهم.

وأبلغ سلامة الوفد بأنه سيبحث الموضوع مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ووزير المال في حكومة تصريف الاعمال يوسف الخليل خلال أيام، لأن هذا القرار ليس بيده وحده، فيما أكد نادر أنه في حال عدم التوصل الى نتيجة حتى الاثنين المقبل، فالتحركات ستتصاعد حتى تحقيق المطالب.

لجنة المؤشر: رفع الحدّ الأدنى الى 9 ملايين

وفي إطار انكباب المسؤولين على إيجاد مخرج لتردّي الأوضاع المعيشية، ترأس وزير العمل في حكومة تصريف الأعمال مصطفى بيرم في مكتبه في الوزارة اجتماعاً للجنة المؤشر في اطار مواكبة معالجة رواتب واجور وبدل النقل للعاملين في القطاع الخاص. وقررت اللجنة ما يلي:

– رفع الحد الادنى في القطاع الخاص الى 9 ملايين ليرة اي بزيادة بقيمة 4 ملايين ونصف، وبدل النقل الى 250 الف ليرة عن كل يوم حضور، وكذلك رفع سقف المرض والامومة ضعفين، وهذه الزيادات ستكون خاضعة للمراجعات تبعاً لتقلبات سعر صرف الدولار لمراعاة العدالة في هذه المسألة . كما تم اخذ العلم، بأن نص المشروع الموقت للنظام الموقت للمعاش التقاعدي هو تقريباً موضع توافق الجميع ويساعد العمال بعد نهاية الخدمة ويساعد ايضاً ارباب العمل لأنه يقدم لهم مراعاة كبيرة».

اضاف: «سنحمل هذه المخرجات سريعاً الى مجلس شورى الدولة ثم الى اقرب جلسة لمجلس الوزراء لإقرارها سريعاً مع المراسيم السابقة من اجل تكريس الحق».

واكد بيرم أن «ما يتم اقراره في لجنة المؤشر سنعتمده على انه نوع من الحافز والضغط في ما يتعلق بمطالب القطاع العام، لان الموظفين أصبحوا في حال يرثى لها وصعبة، لذلك سنعتمد ما يتم اقراره في لجنة المؤشر للقطاع الخاص كنوع من خلق التوازن مع القطاع العام من منطلق الشعور بالمسؤولية الوطنية لان لجنة المؤشر لا دخل لها في القطاع العام».

ولفت الى «ان هناك اجتماعاً الاثنين المقبل للجنة الطوارئ في المرفق العام وسأحمل هذه التوصية وسأضعها بين يدي رئيس مجلس الوزراء ومعالي الوزراء لوضع المطالب الشاملة للقطاع العام على نار حامية».

 

مصدرنداء الوطن
المادة السابقةرفْع بدلات الأتعاب خيار قسري فُرض على الكتّاب العدل
المقالة القادمةالولايات المتحدة: تدفيع البنوك ثمن التعثّر