قالت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين إنها كانت مخطئة في الماضي بشأن التكهن بالمسار الذي سيتخذه التضخم، لكنها قالت إن ترويض ارتفاع الأسعار يأتي على رأس أولويات الرئيس جو بايدن، وإنه يدعم إجراءات مجلس الاحتياطي الفيدرالي لتحقيق ذلك. ورداً على سؤال في مقابلة مع شبكة (سي. إن. إن) عما إذا كانت قد أخطأت بالتقليل من شأن التهديد الذي يشكله التضخم في البيانات العامة خلال العام الماضي، قالت يلين: «أعتقد أنني كنت مخطئة في ذلك الوقت بشأن المسار الذي سيتخذه التضخم». وأضافت: «كما ذكرت، كانت هناك صدمات غير متوقعة وكبيرة للاقتصاد عززت أسعار الطاقة والغذاء واختناقات الإمدادات التي أثرت في اقتصادنا بشدة، والتي لم أفهمها بالكامل في ذلك الوقت»، مضيفة أن الصدمات تشمل الغزو الروسي لأوكرانيا وعمليات الإغلاق الأخيرة لمكافحة «كوفيد – 19» في الصين.
وفي مايو (أيار) من العام الماضي، قالت يلين إنها لا تتوقع أن يصبح التضخم مشكلة. ومع ذلك، ارتفعت أسعار المستهلكين في أبريل (نيسان) الماضي بنسبة 8.3 في المائة، مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي.
وقالت يلين: «في الواقع، استمرت الصدمات التي تعرض لها الاقتصاد، لكن التضخم هو الشاغل الأول للرئيس بايدن». وذكرت أن التراجع الأخير في بيانات التضخم الأساسي كان مشجعاً، لكنها أشارت إلى أن أسعار النفط لا تزال مرتفعة، وأن أوروبا تعمل على خطة لحظر واردات النفط الروسي. وقالت إنه «لا يمكننا استبعاد حدوث مزيد من الصدمات».
وأضافت يلين أن بايدن «يؤمن بشدة ويدعم استقلالية مجلس الاحتياطي الفيدرالي لاتخاذ الخطوات الضرورية» لخفض التضخم… وقال مسؤول بالبيت الأبيض إن بايدن التقى، في وقت سابق يوم الثلاثاء، رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، وأكد أنه «يحترم استقلال المجلس».
وقالت يلين إن إدارة بايدن تتخذ إجراءات لمحاولة تكملة جهود مجلس الاحتياطي الفيدرالي من خلال خفض تكلفة الأدوية الموصوفة والرعاية الصحية ودعم مقترحات في الكونغرس لتعزيز استخدام الطاقة المتجددة.
وتم تأكيد تعيين باول لولاية أخرى بأغلبية كبيرة في مجلس الشيوخ قبل ثلاثة أسابيع، بعد أن رشحه بايدن لأربع سنوات أخرى رئيساً لمجلس الاحتياطي الفيدرالي في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. ويقود باول البنك المركزي لأكبر اقتصاد في العالم، منذ فبراير (شباط) 2018، عندما رشحه الرئيس آنذاك دونالد ترمب لهذا المنصب. وقبل ذلك، كان باول عضواً في مجلس البنك المركزي منذ عام 2012.
وعقد بايدن، الثلاثاء، في البيت الأبيض اجتماعاً نادراً مع باول لمناقشة التضخم المتصاعد ومحاولات الإدارة الديمقراطية السيطرة على ارتفاع الأسعار المدمّر سياسياً قبل انتخابات منتصف الولاية. وقال بايدن: «أعقد اجتماعاً اليوم لبحث أولى أولوياتي ألا وهي التصدّي للتضخّم من أجل الانتقال من تعافٍ تاريخي إلى نموّ ثابت».
وكان البيت الأبيض أشار إلى أنّ الاجتماع هو الأول بين الرجلين هذا العام، وستتمّ خلاله مناقشة «وضع الاقتصاد الأميركي والعالمي». وقال البيت الأبيض إنّ تلك «أولوية بايدن الاقتصادية… في وقت ننتقل فيه من تعافٍ اقتصادي غير مسبوق إلى نمو مستقر وثابت يعمل من أجل العائلات العاملة».
وأصدرت رئيسة اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري رونا مكدانيال، بياناً حول الاجتماع بين بايدن وباول، اعتبرت فيه أنّ «الرئيس يكذب على الأميركيين الكادحين بشأن الاقتصاد». وتابعت أنه «في عهد بايدن لم يتحرّك التضخّم وأسعار البنزين إلا صعوداً، ونتيجة لذلك تعاني العائلات في تأمين احتياجاتها الأساسية».
وأظهر استطلاع أجراه مركز بيو للأبحاث في منتصف مايو، أنّ التضخّم هو أكبر باعث للقلق لدى الأميركيين. ويرخي تضخّم بأكثر من 8 في المائة بظلال قاتمة على تصريحات لبايدن أكد فيها أنه يعيد الاقتصاد الأميركي إلى مسار التعافي بعد الأزمة الناجمة عن «كوفيد – 19».
وعادت مستويات الوظائف إلى ما كانت عليه قبل الوباء فيما النمو قوي، غير أن الارتفاع الكبير في أسعار المواد الأساسية ومنها السلع الغذائية والطاقة، يتسبب باستياء شعبي متزايد. ورفع الاحتياطي الفيدرالي معدلات الفائدة ثلاثة أرباع نقطة مئوية، مطلقاً ما قال مسؤولو البنك المركزي إنها سلسلة من الزيادات الهادفة إلى دعم الاقتصاد، وإن كان يُخشى أن تكون النتيجة غير المقصودة لذلك انكماشاً.
وقال عضو مجلس حكام الاحتياطي الفيدرالي كريستوفر والر، الاثنين، إنه يؤيد المزيد من قرارات رفع الفائدة نصف نقطة «إلى أن أرى التضخم يتراجع وصولاً إلى هدفنا المتمثل بـ2 في المائة».
ويسعى بايدن لتخفيف الضغط عن المستهلك الأميركي قبيل الانتخابات النصفية في نوفمبر، التي يتوقع أن يخسر فيها الديمقراطيون الذين ينتمي إليهم، السيطرة على الكونغرس أمام الجمهوريين. وبالكاد تصل شعبية بايدن إلى 40 في المائة، ما يعكس عدم قدرته على إقناع الناخبين برسالته حول انتعاش الاقتصاد الأميركي.
ومع اقتراب الانتخابات، يسعى بايدن بقوة كي يشرح أن ظاهرة التضخم نتيجة ثانوية لسياسات خارجة عن سيطرته. ويشمل ذلك الغزو الروسي لأوكرانيا الذي تسبب بعقوبات غربية عطلت قطاع الطاقة الروسي. غير أن قوات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الغازية أوقفت صادرات القمح الأوكرانية المهمة… ويصف بايدن ذلك بـ«ارتفاع الأسعار بسبب بوتين».