الدكاكين الجامعية: نهاية التعليم العالي؟

على طاولة وزير التربية الجديد عباس الحلبي ملف متفجّر لا تنفع معه سياسة «بلد التسويات» التي تحدّث عنها أخيراً في برنامج تلفزيوني. برسم الوزير العتيد إيجاد حلول جدريّة لعشرات الجامعات – الدكاكين المخالفة والفروع والاختصاصات غير المرخصة، والتي اتّخذ مجلس التعليم العالي الحالي قرارات بإقفالها، وطلب من كل جامعة أن تبرّر التسميات الأجنبية التي تتخذها لنفسها وتضلل الطلاب بها، مثل «الأميركية» و«الألمانية» و«الكندية»، وما إذا كانت لهذه الدول علاقة بها فعلاً أم أن الأمر لا يتجاوز التسويق التجاري وانتحال الصفة، وأكّد المجلس أهمية دعوة نقيب المهندسين لدى ترخيص اختصاص الهندسة في أي جامعة، خصوصاً أن النقيب لم يكن حاضراً خلال مناقشة الترخيص للهندسة في الجامعة اللبنانية الكندية.

إلّا أنّ أيّاً من هذه القرارات الصادرة في ولاية الوزير الأسبق أكرم شهيب لم تُنفّذ في عهد خلفه الوزير السابق طارق المجذوب، بل العكس هو ما حصل، إذ رفع المجذوب إلى مجلس الوزراء في أيار 2020 مشروع مرسوم للترخيص لفروع جغرافية تابعة للجامعة اللبنانية الدولية في بيروت وطرابلس وصيدا والنبطية، وقد أقرّ المرسوم من دون مروره على مجلس التعليم العالي، فيما هناك جامعات أخرى لديها طلبات لفروع واختصاصات وبرامج بالمئات ومستوفية الشروط وفق تقارير اللجنة الفنية التابعة للمجلس، بقيت طلباتها مرمية في الأدراج.

وكان ملف الجامعات الخاصة وفروعها دخل، خلال ولاية شهيب، مرحلة جديدة من التنظيم والمتابعة والتدقيق، لا سيما بعد انكشاف فضيحة بيع الشهادات المزوّرة. وقُسّمت الجامعات إلى مجموعات يضم كل منها 10 جامعات، وشُكّلت لجان فرعية نفّذت زيارات ميدانية للفروع وأعدت تقارير مفصّلة بشأن نقاط القوة والضعف في كل منها ورفعتها إلى مجلس التعليم العالي لاتخاذ القرارات، وهكذا صار، إذ اتّخذ المجلس القرارات ولم تنفذ، وشمل التدقيق الكليات والفروع والجامعات المرخصة وغير المرخصة لجهة إقفال غير المرخصة وتقييم أوضاع المرخصة.

محاولة المجذوب إعادة الهيكلة أتت رغم أن ولاية المجلس المحددة بثلاث سنوات تنتهي في 28 تشرين الأول 2021، علماً أن شهيب أعاد هو الآخر هيكلة المجلس في حزيران 2019، بعد التحقيقات القضائية بشأن ملف بيع الشهادات واختار ثلاثة أعضاء جدد، ما يعني أن ولاية مجلس التعليم العالي تنتهي فعلياً في حزيران 2022.
وكان المجلس كلّف الخبير في التعليم العالي عبد الحسن الحسيني وضع إطار لاستراتيجية وطنية للتعليم العالي خلال ولاية شهيب، تركز على جعل هذا القطاع منتجاً للوظائف ومطوّراً للاقتصاد وتنويع مجالاته ومعزّزاً لمعدلات النمو من خلال آلية محددة لتطوير الإنتاج المعرفي وبيع براءات الاختراع والمنتج المعرفي، على غرار ما حصل في الصين وماليزيا. وعندما لم يتسنَّ للمجلس متابعة الاستراتيجية وعرضها على مراكز القرار، قدم الحسيني شخصياً نسخة عن الاستراتيجية للوزير المجذوب بهدف متابعتها وإقرارها، لكنها بقيت في الأدراج.

مجلس التعليم العالي، بحسب مصادر من داخله، يأمل أن يسعى الوزير الجديد لإقرار الاستراتيجية الوطنية للتعليم العالي، واستكمال المشروع الذي انطلق في عهد شهيب لجهة التدقيق بكل الفروع الجغرافية المرخصة لتقييم أوضاعها وغير المرخصة لإقفالها إذا لم تتقدم بطلبات جديدة وتكون مستوفية للشروط الأكاديمية والقانونية.

 

مصدرجريدة الأخبار - فاتن الحاج
المادة السابقةتأخير جديد للبطاقة التمويليّة!
المقالة القادمةالسلطة ترتكب “جريمة” دعم البنزين عن سابق تصوّر وتصميم