السلطة ترتكب “جريمة” دعم البنزين عن سابق تصوّر وتصميم

للمرة الثالثة على التوالي منذ بداية العام “ترشّد” وزارة الطاقة الدعم عن البنزين وتفاقم المشكلة على كل المستويات. في الأول من تموز اتخذ القرار بتسديد المستوردين 90 في المئة من قيمة البضائع على سعر 3900 ليرة، و10 في المئة بحسب سعر السوق. فارتفع السعر من 45 ألف ليرة إلى 70 ألفاً للصفيحة الواحدة، واستمرت المشكلة أكثر مما كانت. وبعد أقل من شهرين، وتحديداً في 22 آب، عدل القرار، وأصبح يتوجب على المستوردين تسديد 90 في المئة على سعر 8000 ليرة بدلاً من 3900 ليرة، وتعهدت الدولة تحمل الفرق من خلال تخصيص اعتماد بقيمة 225 مليون دولار، فارتفع سعر الصفيحة إلى 129 ألف ليرة، ولم تحل المشكلة وبقيت المادة مفقودة والطوابير مصطفة أمام المحطات. وقبل ثلاثة أيام، أي في 17 أيلول عدّل القرار للمرة الثالثة، حيث أصبح يتوجب على المستوردين تسديد 90 في المئة على سعر 12 ألف ليرة، فارتفع سعر الصفيحة إلى حدود 175 ألف ليرة وعادت الأزمة أكثر مما كانت. وهكذا ارتفع سعر صفيحة البنزين منذ بداية العام 2021 من 26400 ليرة إلى 175 ألفاً، أي بنسبة تفوق 600 في المئة، من دون أن يلمس المواطن أي تحسن بتوفر المادة.

يقول الباحث الاقتصادي والقانوني في “المعهد اللبناني لدراسات السوق”، كارابيد فكراجيان، و”ذلك من خلال محاولتها إخفاء سعر البنزين عبر الدعم. فعندما رشد الدعم إلى 3900 ليرة بدلاً من 1500 ليرة، وصل سعر صفيحة البنزين إلى 70 ألفاً. في حين أنه لغاية أيار من العام 2020 كان سعر الصرف أقل من 3900 ليرة، ومع هذا استمرينا في دعم المحروقات على 1500. ولو رفعنا الدعم في وقتها كان الأمر ليكون بالنسبة للمواطنين سيان. فالمستهلكون لم يزد دخلهم من وقتها عبر المساعدات المباشرة أو بواسطة أي تصحيح للرواتب والأجور. بل على العكس، فإن قدرتهم الشرائية كانت أعلى. في المقابل استمر مصرف لبنان بخسارة الدولارات من احتياطياته على دعم سلع يهرب الجزء الأكبر منها، ومع كل انخفاض في الاحتياطي كان سعر الصرف يرتفع نتيجة فقدان الثقة. ومن الجهة الأخرى زاد “المركزي” طباعة الليرات لتلبية السحوبات وتمويل عجز الدولة، مما زاد الاستهلاك، وبالتالي زيادة الطلب على الدولار. فكبرت الكتلة النقدية بالليرة، بالتوازي مع استنزاف الاحتياطي، مما أدى إلى انهيارات متتالية من وقتها في سعر الصرف.

ومع هذا “ما زال الخروج من المأزق المتمثل بارتفاع سعر البنزين الذي أوقعتنا به سياسة الدعم ممكناً”، بحسب فكراجيان، و”ذلك من خلال اتخاذ الحكومة إجراءين علميين ومنطقيين بأسرع وقت ممكن وهما:

– ضبط سعر الصرف وتخفيضه من خلال الإصلاح النقدي باعتماد “مجلس النقد”. إذ إنه بمجرد تراجع سعر الصرف يتراجع سعر البنزين.

– تحديث وتطوير القوانين التي تحكم النقل العام التي تؤدي إلى نموه وتطوره.

 

مصدرنداء الوطن - خالد أبو شقرا
المادة السابقةالدكاكين الجامعية: نهاية التعليم العالي؟
المقالة القادمةفي محطة زحلية البنزين للسيدات فقط و”حلوة يا بلدي” تأمل بتكرار التجربة