الذهب “للفرجة”… وقلق على مصيره بعد الطمأنة أنه “بخير”

القيمة المعنوية لـ 286.8 طناً من الذهب قد تكون في ظل هذه الأزمة أكبر بكثير من القيمة الفعلية الناتجة عن بيع الذهب. فبحسب الإحصاءات يملك لبنان نحو 9 ملايين و221 ألف أونصة من الذهب، ثلثها موجود في نيويورك، والثلثان في مصرف لبنان. ما يعني نظرياً أن ما يمكن التصرف به هو 6 ملايين و147 ألفاً و332 أونصة فقط، بقيمة تقدر بـ 11.073 مليار دولار (سعر الأونصة 1801.1 دولار). فيما تشير تجارب مختلف البلدان إلى صعوبة، أو حتى استحالة، الإستفادة من الكمية الموجودة في الولايات المتحدة والمقدرة بـ 3.073 ملايين أونصة من الذهب. وعليه، يجب إزالة نحو 5.5 مليارات دولار من حسابات الذهب والتركيز على 11.075 مليار دولار فقط.

الإستفادة من احتياطي الذهب الموجود في حال الإضطرار إلى استخدامه ستواجه بحسب الخبراء ثلاثة معوقات رئيسية:

الأول، إئتماني ويتعلق بعدم وجود أي التزام أو قيد أو رهن على الذهب. وعلى الرغم من إشارة حاكم مصرف لبنان في نهاية العام الماضي إلى أن “الذهب حرّ من أي التزام أو رهن سواء في لبنان أو في الخارج”، وتكراره النفي نفسه في الأمس القريب، برزت أصوات مشككة تطالب الحاكم والجهات الرقابية الإفادة خطياً بسلامة أوضاع الذهب فمن الممكن أن يكون قد تم رهن الذهب أو التصرف به. وبحسب قول المدير العام السابق للإستثمار والصيانة في وزارة الطاقة غسان بيضون “لنقتنع بسلامة أوضاع الذهب في خزائن المركزي والخارج، على الحاكم الإفادة خطياً بعدم وجود أو إنشاء أي إلتزام أو قيد أو رهن لصالح أي جهة خارجية أو داخلية، يمكن أن يمنع أو يحد بشكل مباشر أو غير مباشر من حرية الدولة المطلقة بالتصرف به، أو استعادته في أي وقت متى عدل قانون حماية الذهب”. وفي المقابل يرى بيضون ان “على مفوض مراقبة حسابات مصرف لبنان تأكيد قيامه بالتحقق فعلاً من وجود الذهب، ومعاينته وجرده وتعداد كميته وتأكيد قيمته المدرجة في الميزانية وتبيان حالته ومواصفاته، وإبداء رأيه بكفاية إجراءات الأمان المعتمدة لضمان حمايته وعدم تبديله”.

الثاني، قانوني ويتعلق بامكانية وجود شراة على الساحة الدولية، وضمان عدم وجود قيود على تسييل الذهب والحجز عليه لمصلحة الدائنين الأجانب المقدرة حصتهم بحوالى 15 مليار دولار، تشكل 50 في المئة من سندات اليوروبوندز. فـ”بناء على صدور أكثر من قرار عن المحاكم الأميركية باعتبار الذهب العائد للمصارف المركزية لا يمكن التنفيذ عليه لمصلحة الدائنين، وبأن لبنان ومصرفه المركزي حران من أي عقوبات شخصية أو عامة، فانه لا قيود تمنع التصرف بالذهب سواء كان في لبنان أو الخارج”، بحسب المحامي مجد حرب

الثالثة والأهم، تقنية وتتعلق بانعدام قدرة لبنان على رهن الذهب واضطراره في حال أراد الإستفادة منه إلى بيعه.

فبحسب حرب “لا يوجد من أحد عاقل ممكن أن يقرض دولة مصنفة من الوكالات الدولية متعثرة ومتوقفة عن تسديد ديونها وواقعة بأزمة نقدية… حتى لو رهنت كل ما تملك”. ولو سلمنا جدلاً بامكانية إقراضها، فالفوائد ستكون مرتفعة جداً.

وفي سياق متصل تثبت الأرقام أن موجودات مصرف لبنان من العملات الأجنبية انخفضت من نحو 38 مليار دولار في أوائل العام 2019 إلى حدود 15 مليار دولار في أيار العام الحالي. واذا استثنينا المبلغ الذي ذهب على الدعم والمقــدر بحده الأعـــلى بين 8 و10 مليارات دولار، فيكون لبنان قد صرف في غضون أقل من عامين ما يناهز 15 مليار دولار، تشكل 1.4 مرة ما يملكه لبنان من احتياطي ذهبي في الداخل. وعليه فان تسييل كامل أصول الذهب التي تكفي عدة أشهر، ستخلق، بحسب الخبراء، آثاراً تضخمية نتيجة فقدان الثقة كلياً بالليرة اللبنانية، وإمكانية ارتفاع سعر الصرف إلى معدلات خيالية بعد خسارة العملة الوطنية التغطيتين النقدية والذهبية.

مصدرنداء الوطن - خالد أبو شقرا
المادة السابقةتونس تقر قانونا للإنعاش الاقتصادي وتسوية مخالفات الصرف
المقالة القادمةالسفيرة الإيطالية: طرابلس وجهة أنشطتنا