الرّبط الكهرُبائيّ الخليجيّ يوجب دعمًا لإِثيوبيا في مشروع النّهضة!

في ضوء المواقف الّتي أَبدتها المملكة العربيّة السّعوبيّة في شأن “سدّ النّهضة”، يظهر أَنّها قد حظيَت بعلاقةٍ مُريبةٍ ومُثيرةٍ للجدل مع المشروع الإِثيوبيّ في هذا الشّأن. فعلى رغم أَنّ السّعوديّة اضطُرّت إِلى إِنكار وجود أَيّ استثمار لها في السدّ، بعد زيارةٍ مُثيرةٍ للجدل قام بها وفدٌ سعوديٌّ رفيع المستوى لمَوْقع بناء السدّ في كانون الأَوّل عام 2016 وأَثارت استياءً كبيرًا لدى القاهرة…

ولم تُنكِر المملكة ما تداولته تقارير صحافيّةٌ في شأن رغبتها في إِقامة مشروع ربطٍ كهربائيٍّ بَيْن دُول الخليج وإِثيوبيا من خلال نظام كابلاتٍ يتمّ إِمرارها عبر اليمن، كجُزءٍ مِن الجُهود الخليجيّة للحدّ مِن الاعتماد على النّفط والغاز في توليد الطّاقة محليًّا، بما يُساعد في توفيرهما لأَغراض التّصدير.

ولكنْ، وعلى الرّغم مِن هذه المُعطيات، يبقى مِن الصّعب على القاهرة أَن تتجاهل حقيقةً مفادُها أَنّ الملياردير السّعوديّ، صاحب الأُصول الإِثيوبيّة، محمد حسين العمودي، هو أَحد أَبرز المُستثمرين في سدّ النّهضة، وأَنّه تبرّع بقيمة 88 مليون دولار لبدء أَعمال الإِنشاءات الأُولى للسدّ في العام 2011، ويُعتقَد أَنّه كان أَحد أَكبر مُموّلي المشروع قبل احتجازه في فندق “ريتز كارلتون” الشّهير في العام 2017، ناهيك عن كونه مهندس الرّبط الزّراعيّ بَيْن الرّياض وأَديس أَبابا مُنذ نجح في إِقناع السُّلطات السّعوديّة باستثمار مليارات الدّولارات لاستصلاح نصف مليون هكتار (نحو 1،25 مليون فدّان) في مُقاطعة “غامبيلّا” في إِثيوبيا.

ولفترةٍ خلت… أَحسّت مصر أَنّ الأَرض تتغيّر تحت أقدامها، وفي وتيرةٍ غير مسبوقةٍ… وفي حين أَنّ إِثيوبيا كانت تشتكي قبل عقدٍ مِن الزّمان مِن “سطوة النُّفوذ السّياسيّ والاقتصاديّ ومنظومة العلاقات الدّوليّة والاقليميّة الّتي مكّنت مصر مِن الحفاظ على اليد العُليا في منطقة حوض النّيل وإِعاقة تنفيذ أَيّ مشروعٍ يُمكن أَن يُهدِّد حصّة مصر مِن المياه، بما في ذلك سدّ النّهضة مع المعاناة الكبيرة على صعيد الحُصول على التّمويل… وأَمّا الآن، فيبدو أَنّ الوضع قد انعكس في شكلٍ مَلحوظٍ، إِذ باتت تتوافد رُؤوس الأَموال الدّوليّة وكذلك عُروض مُؤسّسات التّمويل الّتي لطالما أَعطت ظهرها لأَرض الأَحباش طويلًا، بينما لا يبدو أَن ثمّة دولةً أَو جهةً راغبةٌ في مُمارسة ضُغوطٍ حقيقيّةٍ على أَديس أَبابا لتقديم تنازُلاتٍ حقيقيّةٍ لتقريب وجهات النّظر مع مصر، الّتي تُظهِر اليوم -مُرغمةً على ما يبدو- مُرونةً غير مسبوقةٍ في التّنازُل عن حُقوقها المائيّة، في شكلٍ لم يكُن في الإِمكان تصوُّره قبل عقدٍ واحدٍ مِن الزّمن!… وصولًا إِلى المبادرة الجزائريّة في هذا الإِطار، إِذ أَعلن الرّئيس الجزائريّ عبد المجيد تبّون أَنّ لبلاده مُبادرةً لحلّ أَزمة سدّ النّهضة، بَيْن إِثيوبيا ومصر والسّودان. وقد أَبدى ثقةً كبيرةً في إِمكان نجاح وساطة بلاده في حلحلة الأَزمة… لقد كان ذلك في أواخر آب 2021.

وفي ظلّ كلّ هذه التّعقيدات العائدة إِلى ملفّ سدّ النّهضة الشّائك، يجب أَلاّ نغفل وجود خطرٍ مُحدقٍ بعد اكتمال الملء الثّاني لسدّ النّهضة، وهو يتمثّل بأضرارٍ مُحتَمَلةٍ على مصر والسّودان. وإزاء ذلك، للحديث صلة!.

مصدرالنشرة - رزق الله حلو
المادة السابقةأزمة الوقود تتفاقم في بريطانيا… والهلع يتزايد
المقالة القادمةطليس: في حال لم تقر خطة دعم قطاع النقل البري خلال أسبوع سنجتمع لوضع تعرفة جديدة