السعودية صين الشرق الأوسط للمستثمرين الباحثين عن الأرباح

أصبحت حشود المستشارين الذين يرتدون الزي الغربي مشهدا مألوفا في ردهات أفخم فنادق الرياض، حيث يشرع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في خطة بتريليونات الدولارات لإبعاد السعودية عن النفط.

وخلال الأشهر الأخيرة، انضمت إليهم مجموعة أخرى من الأفراد المناسبين، وهم مديرو الصناديق الحريصون على الحصول على موطئ قدم مبكر في قصة النمو الكبيرة التالية في الأسواق الناشئة.

ولم تجذب السعودية، التي انضمت إلى مؤشر أم.أس.سي.آي للأسواق الناشئة في عام 2019، تاريخيا سوى القليل جدا من مليارات الدولارات التي يخصصها مستثمرو الأسهم لأسواق الأسهم العالمية.

وشعر مديرو الصناديق بالإحباط بسبب نقص السيولة في مؤشر بورصة السعودية (تداول) لجميع الأسهم، والذي يحد من الملكية الكاملة للأجانب، وبسبب اعتماد البلاد المفرط على الوقود الأحفوري.

والآن، مع استبعاد روسيا من المؤشر القياسي وخسارة الصين لجاذبيتها بسبب التباطؤ الاقتصادي، بدأ بعض المستثمرين ينظرون إلى السعودية على أنها ضوء جديد، يجذبهم تيار مستمر من الإصلاحات المصممة لتشجيع المزيد من الاستثمار الأجنبي والمشاريع الضخمة.

ويتم طرح مبالغ كبيرة على خطة التحول التي يقودها الأمير محمد بن سلمان ضمن رؤية 2030. وساعد الاهتمام المتزايد سوق تداول على الارتفاع بأكثر من 11 في المئة هذا العام، أي أكثر من ضعف عائد مؤشر أم.أس.سي.آي.

ويرى فيرغوس أرجيل، الذي ساعد في إطلاق صندوق جديد للأسواق الناشئة لشركة إي.أف.جي نيو كابيتال، ولديه تخصيص 8 في المئة لمؤشر الأسهم السعودية إن البلد الخليجي يبدو الآن وكأنه الصين في العقد الأول من القرن العشرين.

ونسبت وكالة بلومبرغ إلى أرجيل قوله إن السعودية لا تزال “ممثلة بشكل ناقص للغاية” في محافظ المستثمرين حتى بعد أن اجتذب مؤشر تداول صافي تدفقات أجنبية تزيد عن 3 مليارات دولار هذا العام.

وهذا جزء صغير من مبلغ 24 مليار دولار الذي تدفق عندما انضم المؤشر إلى مؤشر أم.أس.سي.آي قبل أربع سنوات، لكن المحللين يقولون إن الحجم سينمو مع بدء الإصلاحات.

والبورصة السعودية هي الأكبر والأكثر سيولة في الشرق الأوسط، وموطن أكبر منتج للنفط في العالم شركة أرامكو بعد أن جمعت ما يقرب من 30 مليار دولار في بيع أسهم أواخر عام 2019.

وعلى مدى السنوات القليلة الماضية، أضافت البورصة، التي تهيمن عليها البنوك وشركات البتروكيماويات تقليديا، شركات كبيرة للرعاية الصحية والتجزئة والطاقة وغيرها.

ويتم التداول في البورصة المحلية بمعدل سعر إلى أرباح آجل لمدة 12 شهرا يبلغ 17.5 مرة، مما يمنحها علاوة تزيد عن 50 في المئة على مؤشر أم.أس.سي.آي للأسواق الناشئة.

وارتفع وزن السعودية في مؤشر أم.أس.سي.آي للأسواق الناشئة إلى ما يقرب من 4.1 في المئة من نحو 1.5 في المئة عندما تم إدراجها في الأصل في المؤشر مع نمو الاهتمام الأجنبي وتشجيع الحكومة للمزيد من الشركات على طرح أسهمها للاكتتاب العام.

وجمعت الشركات المحلية قرابة 11.5 مليار دولار من الإدراجات منذ بداية العام الماضي، في وقت تباطأت فيه الطروحات العامة الأولية في أماكن أخرى.

ويمكن للمستثمرين السلبيين تقديم تدفقات بقيمة 7.3 مليار دولار إذا رفعت السعودية مستوى الحد الأقصى المسموح به للملكية الأجنبية إلى 100 في المئة من أقل بقليل من النصف حاليًا لمعظم الأسهم، وفقا لإيليا الشعار، المحلل المساعد في أرقام كابيتال.

وقال الشعار لبلومبرغ إن ذلك قد يؤدي أيضًا إلى “زيادة كبيرة” في وزنها على مؤشرات الأسواق الناشئة.

ويعكس الاهتمام المتزايد بالسعودية تراجع المشاركة الأجنبية في السوق الصينية. وفي حين برزت الهند باعتبارها أحد المستفيدين الرئيسيين من هذا التحول، فإن غياب روسيا عن المؤشر يعني أن المستثمرين ليس لديهم العديد من البدائل الأخرى.

ويؤكد الخبراء أن الاختيار سوف يصبح أكثر محدودية إذا تم ترقية كوريا الجنوبية إلى مؤشرات الأسواق المتقدمة، وهو ما قد يحدث في وقت مّا من العام المقبل.

وقال هاريش رامان رئيس نقابة أسواق رأس المال الآسيوية لدى سيتي غروب “نرى أن المستثمرين المؤسسيين الآسيويين يبدون اهتماماً أكبر برؤية والالتقاء بالشركات من الشرق الأوسط لأنه كصندوق للأسواق الناشئة، عليك أن تنظر إلى تنويع استثماراتك”.

وتبدو الولايات المتحدة أقل إثارة للاهتمام نسبيا بالنسبة إلى المستثمرين الآسيويين، لكنهم يفكرون بجدية في الشرق الأوسط.

وليس من السهل دائما تحقيق تقدم بالرغم من ذلك، حيث لا يزال السوق موجها نحو المستثمرين المحليين سواء كانوا شركات أو أفرادا.

ومؤخرا تمت تغطية العديد من الاكتتابات العامة الأولية لهذا العام بشكل كبير، بما في ذلك إدراج مجموعة أم.بي.سي الإعلامية بقيمة 222 مليون دولار وطرح شركة أي.دي.إي.أس القابضة بقيمة 1.2 مليار دولار.

وقال دومينيك بوكور إنغرام، مدير الصندوق في شركة فييرا كابيتال، والذي ساعده موقفه الصعودي تجاه السعودية على التفوق على 99 في المئة من أقرانه هذا العام “لم يتم بيع عدد من الأسهم التي تم طرحها للاكتتاب العام على الإطلاق للمستثمرين الأجانب”.

وأوضح أن هناك ثلاثة أو أربعة طروحات عامة شاركنا فيها في السعودية حيث “كنا المستثمر الأجنبي الوحيد”.

ويشكل عدم اليقين الجيوسياسي تحديا محتملا آخر، فقد ألقى مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في عام 2018 بظلاله على ترقية مؤشر تداول إلى مؤشر الأسواق الناشئة. والآن أصبحت الحرب بين إسرائيل وحماس هي التي تسبب التوتر.

ومحا المؤشر جميع مكاسبه التي حققها في عام 2023 في أكتوبر الماضي مع انتشار التداعيات في جميع أنحاء الشرق الأوسط، قبل أن ينتعش مع اعتقاد المستثمرين أن الصراع من المحتمل أن يظل تحت الاحتواء.

وهناك 147 صندوقا من الأسواق الناشئة تمتلك أصولا تحت الإدارة تزيد قيمتها عن 127 مليار دولار ولم تستثمر أبدا في السعودية، وفقا لأبحاث كوبلي فاندز.

لكن في إشارة إلى أن مدراء المحافظ يتابعون الرحلات البحثية بمخصصات أعلى، أظهرت الدراسة أن حصص صناديق الأسواق الناشئة النشطة التي تستثمر في المملكة زادت بأكثر من الضعف منذ بداية العام.

وقام دانييل ديفرانشيسكو، مدير المحفظة والمحلل في بنك بي.أن.بي باريبا لإدارة الأصول، ومقره الولايات المتحدة، بزيارة الرياض مؤخرا للقاء بعض الشركات السعودية المدرجة، ويفكر الآن في زيادة استثماراته.

وقال “نحن نعاني حاليا من نقص الوزن، ولكننا نواصل تحديد الفرص لنشر رأس المال”. وأضاف إن “زيارة البلاد للقاء مدراء الأعمال المحليين ومشاهدة التحول الاجتماعي والاقتصادي الجاري جعلتنا أكثر إيجابية بشأن العائد المحتمل للأسهم السعودية”.

مصدرالعرب اللندنية
المادة السابقةلاند روفر تروّج لـ”سيارتها الهادئة”!
المقالة القادمةتحالف أوبك+ يواجه صعوبة في ضبط إيقاع أسعار النفط