تحالف أوبك+ يواجه صعوبة في ضبط إيقاع أسعار النفط

تواجه منظمة الدول المصدّرة للنفط وحلفاؤها العشرة في تحالف أوبك+ صعوبة في رفع مستوى الأسعار عالميا رغم خفضها الإنتاج على مدى أشهر والإعلان عن اقتطاعات جديدة في أواخر نوفمبر الماضي.

ويتعرض التحالف لضغوط إضافية على جبهات متعددة، مثل زيادة إنتاج الخام الأميركي، والتوقع بأن تبدأ قريبا عملية التخلي التدريجي عن الوقود الأحفوري، والتقارير عن تباينات بين أعضاء التحالف البالغ عددهم 23 دولة، 13 منها في أوبك.

ولا تزال أسعار النفط عند أدنى مستوياتها في زهاء ستة أشهر رغم إعلان التحالف أواخر الشهر الماضي عزمه على خفض إضافي في الإنتاج.

إلا أن الأسعار سجّلت زيادة طفيفة في الأيام الأخيرة بعد إعلان شركات نفطية وأخرى للنقل البحري الامتناع عن المرور في البحر الأحمر في ظل الهجمات التي يشنّها المتمردون الحوثيون في اليمن على خلفية الحرب في غزة.

ومع أن الأسعار لا تزال دون 80 دولارا للبرميل، يبقى مستواها راهنا أعلى من معدلها في الأعوام الخمسة الماضية.

وشكل العام الماضي نقطة فاصلة للمنتجين في أعقاب اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا حيث وصل سعر البرميل إلى 140 دولارا قبل أن يستقر لفترة عند المئة دولار ما جعل أعضاء أوبك+ يحققون إيرادات كبيرة.

وضمن مسعاه لرفع الأسعار، عمد التحالف إلى خفض الانتاج تدريجيا بكميات تجاوزت 5 ملايين برميل يوميا منذ أواخر العام 2022.

وفي حين تحمّل السعودية، أبرز دول أوبك، المضاربين مسؤولية تراجع الأسعار عوضا عن انخفاض الطلب، يرى محللون أن غياب الوحدة في صفوف التحالف هو ما يثير الشكوك في الأسواق أكثر من التزامه بالاقتطاعات المعلنة.

وقالت المحللة في سويسكوت إيبك أوزكاردسكايا لوكالة فرانس برس “إذا كانت الاقتطاعات قد مرّت دون أثر، فذلك لأن النقاشات الأخيرة كشفت النقاب عن خلافات داخل المجموعة”.

وأعربت كل من نيجيريا وأنغولا عن امتعاضهما من حصتهما في الاقتطاعات خلال الاجتماع الوزاري في نوفمبر الماضي، والذي تم إرجاؤه لأيام بسبب الخلافات بين الدول الأعضاء.

وفشل التحالف في الاتفاق على خفض للإنتاج ينال دعم كل الأعضاء الـ23. وعوضا عن ذلك، تمكنت السعودية وروسيا من إقناع ست دول أخرى للمضي في خفض طوعي للإنتاج.

وشددت أوزكاردسكايا على أن “الوحدة هي المطلوبة من أجل منح مشروعية أقوى” للمجموعة وقراراتها.

وتأسست منظمة الدول المصدّرة للنفط في عام 1960، وتحالفت اعتبارا من 2016 مع عشر دول نفطية أخرى، في ما بات يعرف بـ”أوبك+”، في مسعى لزيادة هيمنتها على السوق.

وتعتبر أوزكاردسكايا أن توسعة أوبك كانت “سيفا ذا حدّين” لأن عملية اتخاذ القرار باتت أكثر تعقيدا.

وبرز دور أوبك في 1973 عندما اتخذت قرار حظر النفط العربي في خضم حرب أكتوبر في ذلك العام بين إسرائيل وكل من مصر وسوريا، ما تسبّب بأول صدمة نفطية عالميا.

وفي غضون أشهر فقط زادت أسعار النفط أربعة أضعاف، ما عكس سطوة المنظمة حينها خاصة مع تأثر الولايات المتحدة، وهي أكبر اقتصاد في العالم من تلك الخطوة.

وفي مواجهة تزايد المنافسين في ثمانينات القرن الماضي، اعتمدت المنظمة نظام الحصص الذي أتاح لها تعزيز هيمنتها على أسواق النفط.

ومكّنتها هذه الإستراتيجية من تخطي تحديات عالمية كبرى مثل الأزمة المالية لعام 2008 وجائحة كوفيد – 19، بأداء جيد نسبيا على الرغم من التوترات الداخلية.

وفي ظل خفض الإنتاج وأزمات سياسية في دول مثل فنزويلا وليبيا، تراجعت حصة تحالف أوبك+ من سوق النفط العالمية إلى 51 في المئة، وهي الأدنى منذ تأسيس المنظمة، وفق أحدث تقرير للوكالة الدولية للطاقة.

وتزامنا مع ذلك، تجاوز إنتاج النفط الخام في الولايات المتحدة عتبة نحو 20 مليون برميل يوميا، مترافقا مع زيادة في إنتاج البرازيل وغويانا.

ورأت الوكالة أن “انتقال المعروض العالمي من المنتجين الأساسيين في الشرق الأوسط إلى الولايات المتحدة ودول أخرى في الحوض الأطلسي يؤثر بشكل عميق على تجارة النفط”.

وفي الأعوام الأخيرة، بات السؤال مطروحا بشأن مستقبل منظمة أوبك في ظل الدعوات المتزايدة من العديد من الدول من أجل التخلي تدريجيا عن استخدام الوقود الأحفوري بسبب تأثيره على التغير المناخي.

واعتبرت أوزكاردسكايا أن “الانتقال الأخضر هو عبء كبير على نشاط أوبك”، معتبرة أن للمنظمة “مصلحة في تأخير الانتقال الأخضر لأطول فترة ممكنة”.

وخلال مؤتمر الأمم المتحدة بشأن المناخ (كوب 28) الذي عقد مؤخرا في دبي، دعا الأمين العام لأوبك هيثم الغيص “بإلحاح” أعضاء التحالف إلى “الرفض الاستباقي لأيّ نص أو صياغة تستهدف الطاقة، أي الوقود الأحفوري بدلا من انبعاثات” غازات الدفيئة.

ويرجح محللون أن الرياض ترغب في ضمان تدفق الإيرادات الحكومية الناتجة عن تصدير النفط، على الرغم من سعي الحكومة السعودية إلى تنويع مصادر الدخل.

وقال ستيفن إينز من شركة أس.بي.آي إن هذه الإيرادات النفطية “أساسية لتمويل برنامج السعودية الشامل والممتد أعواما لتنويع مصادر الدخل، بما يشمل مشاريع عملاقة”.

من جهته، اعتبر المحلل لدي يو.بي.أس جيوفاني ستاونوفو أن الرياض تعمل على تنويع مصادر الدخل “لكن الانتقال لا يحصل بين ليلة وضحاها”.

مصدرالعرب اللندنية
المادة السابقةالسعودية صين الشرق الأوسط للمستثمرين الباحثين عن الأرباح
المقالة القادمةالشركات تزن مخاطر الشحن وسط هجمات البحر الأحمر