السلطة للنساء: لا فوط… عليكنّ بالقماش وورق الجرائد!

تتغذى الأزمات على بعضها البعض. تتعقد وتتشعب. وفي قطار الجموح هذا لم يكن مستغرباً تأثير الأزمة المالية العميقة على مختلف القطاعات ومستويات الحياة. كذا لم يكن مستغرباً عدم اعتبار الفوط الصحية من الضرورات التي يجب إدراجها على لائحة الدعم قبل عام طالما أن النظارة الثقافية والمجتمعية تجد في مبيض القهوة والمكسرات ضرورة. فكانت النتيجة، وفق دراستين إحصائيتين صدرتا حديثاً، أن أصبح فقر الدورة الشهرية واقعاً في لبنان، وتوزعت أرقامه استناداً لدراسة أجريت بالشراكة بين جمعيتي «FE-MALE» و«PLAN international»، كالتالي:
-76.5 في المئة من النساء عبّرن عن صعوبة الوصول لمستلزمات الدورة الشهرية بسبب الزيادة الحادة في الأسعار.
-41.8 في المئة من النساء قمن بتقليل كميات الفوط الصحيّة المستخدمة خلال الدورة الشهريّة. أي أنهن استخدمنها لفترة أطول.
-87.9 في المئة من النساء غيّرن سلوكهنّ الشرائي لمستلزمات الدورة الشهريّة.
-79 في المئة من النساء لاحظن تغيّراً في عادات استهلاك مستلزمات الدورة الشهرية في محيطهنّ.
-43 في المئة من النساء يعانين من القلق والتوتر نتيجة عدم قدرتهنّ على الحصول على مستلزمات الدورة الشهرية.
-36 في المئة من النساء عانين من أعراض جسديّة بسبب عدم تمكّنهن من شراء مستلزمات الدورة الشهرية.
-35.3 في المئة من النساء استخدمن مصطلح «فقر الدورة الشهرية» للحديث عن حالتهنّ.

الدراسة التي شملت 1800 أنثى، تراوحت أعمارهن ما بين 12 و45 سنة، ويتوزعن على مختلف المناطق اللبنانية والمستويات الثقافية ومن مختلف فئات الدخل، أظهرت أن النساء والفتيات اللواتي ينتمين إلى أسر ذات دخل منخفض (من 675 ألفاً إلى مليون ونصف مليون ليرة لبنانية) هنّ الأكثر تأثراً بالأزمة الاقتصادية وتأثيرها في حقهنّ بالوصول إلى مستلزمات الدورة الشهريّة.

دراسة ثانية أجراها باحثان لبنانيان بالتعاون مع منظمات دولية واعتمدتها الهيئة البرلمانية لمتابعة تنفيذ أهداف التنمية المستدامة، خلُصَت إلى أن «الفوط الصحية زاد سعرها بنسبة 320 في المئة حتى شهر أيار 2021 عندما كان سعر صرف الدولار لا يزال 12000 ليرة، يومها كان المقدّر أن 700 ألف سيدة لبنانية وفتاة وبعض مجتمعات النازحات لا قدرة لديهن على شراء هذه المنتجات. وباتت تشكّل 5 في المئة من دخل العائلات المحدودة».

تتراوح أسعار الفوط الصحية بين 16 و30 ألف ليرة لبنانية، وتحتاج السيدة الواحدة معدّل علبتين شهرياً، ما تكلفته بين 32 و60 ألفاً شهرياً. أنواع عدة من الفوط لم تعد متوافرة بسهولة. هي الأنواع الأكثر غلاء، في مؤشر واضح على تغيّر نمط الاستهلاك. ووسط هذه المعاناة التي تختبرها نساؤنا، شأنها شأن نساءٍ خضن التجربة في فترات الحروب في دولهن، أطلقت الناشطة الاجتماعية ناهلة سلامة مبادرة إنسانية قبل 10 أيام، حيث عمدت إلى جمع التبرعات بعد أن أعلنت عن فكرتها في منشور على «فايسبوك» ووزّعت الدفعة الأولى من الفوط الصحية على نساء وفتيات ينتمين إلى أسر من الفئات الأكثر حاجة. تتحضر ناهلة لتوزيع الدفعة الثانية «طالما أن التبرعات تصل سأكمل»، محذرةً من وقتٍ تصعب فيه الاستمرارية: «على الدولة دعم حاجتنا». وكانت المبادرة قد انطلقت بعد مطالبة السيدات بدعم الفوط فقابلتها حملة تنمّر وتهكّم تقلل من شأن وأهمية مستلزمات الدورة الشهرية على اعتبار أنها رفاهية وليست أولويات لحياة صحية للنساء.

«#نشفتولنا_دمنا»، تحت هذا الوسم، أطلقت منظمة «Fe-Male» بالأمس حملة وطنية لرفع الصوت حول سلبيات فقر الدورة الشهرية وتداعياتها على النساء والفتيات، وللتشديد على أهمّية إيجاد حلول طويلة الأمد من قبل الحكومة اللبنانية والجهات المعنية لمعالجة هذا النقص. تتأمّل رئيسة لجنة المرأة والطفل النيابية، النائبة عناية عز الدين، إيجاد حلٍ لظاهرة فقر الدورة الشهرية، متحدثة لـ«الأخبار» عن خيارات ثلاثة. «في المدى القصير، أخذنا وعداً من منتج لبناني أن يقدّم كمّية من الفوط توزّعها الدولة مجّاناً. تحديد الكمّية والفترة الزمنية التي سيستمر فيها تقديم العون مرتبطان بآلية التوزيع التي نعمل على تحضيرها.

مصدرجريدة الأخبار - ندى أيوب
المادة السابقةإقتصادات المنطقة تتعافى في 2022… إلّا لبنان اذ سيسجّل النمو -4.6%
المقالة القادمةالبراكس يُحمّل سلامة مسؤولية ملفّ المحروقات: لن نحتمل الذل نتيجة إهمالك