لم يمنع الظرف الاقتصادي الاستثنائي الذي تمرّ به البلاد من «العبث» بالأملاك البحرية والمُضي في نهج التعديات على الشاطئ اللبناني المُقدّرة بنحو خمسة ملايين متر مربع (وفق تقديرات وزارة الأشغال العامة والنقل). وفيما كانت آخر التقديرات تُشير إلى أن 80% من الشاطئ مُقفل أمام العموم (من أصل 220 كلم، ثمة 40 كلم فقط متاحة أمام اللبنانيين وفق بحث أعده «المرصد الجامعي للإعمار وإعادة الإعمار» التابع للأكاديمية اللبنانية للفنون الجميلة في جامعة البلمند عام 2017)، لا تزال مشاريع أخرى «تُطبخ» في عزّ الأزمة.
فإلى مُنتجع سياحي «ينبت» على شاطئ الناعمة، تجري أعمال الحفريات على شاطئ عمشيت ببناء فيلا خاصة لأحد المتمولين على «قدمٍ وساق». وعوض اتخاذ إجراءات حاسمة ورادعة تعيد للناس حقوقها المسلوبة، تتجه وزارة الأشغال العامة والنقل إلى إعداد دراسات وطرح مزايدات، تستهدف تحصيل عائدات من الأملاك البحرية المخالفة لصالح الخزينة العامة، وفق ما أعلن أخيراً الوزير علي حمية عن نية الوزارة الإعلان عن دفتر شروط لإطلاق مزايدة «لتأجير واستثمار الأملاك العامة البحرية، وتعديل المرسوم الذي كان مبنياً على أساس سعر الدولار بـ1500 ليرة بهدف زيادة إيرادات الدولة والحفاظ على العمل السياحي البحري في لبنان».
ائتلاف «الشط لكل الناس» رأى في هذه الخطوة تشريعاً غير مباشر لاستئناف التعديات واستدامتها والتشجيع عليها، «تماماً كما قد كان شرّع لمثل هذه التعديات من قبل أصحاب النفوذ إبان الحرب الأهلية». ولفت الائتلاف، في مؤتمر صحافي أمس، إلى أن «احتلال الشاطئ، وإن تم تشريعه بموجب مراسيم مخالفة للدستور، أدى إلى خسارة العديد من المواقع الأثرية وفقدان الشاطئ العام كثروة بيئية وإيكولوجية واقتصادية، وحتى كمساحة عامة للممارسات الثقافية والاجتماعية وكحق أساسي من حقوق المواطنين».
من هنا، كان مطلب الحملة الأساسي: تعديل قانون الموازنة 64/ 2017 الذي يقرّ بتسوية التعديات على الأملاك العامة تحت ذريعة الأزمة الاقتصادية. إذ ينص هذا القانون على تحصيل الدولة لبعض الإيرادات الناجمة عن غرامات مفروضة على المعتدين، من دون التطرق إلى الموضوع الأساس وهو إزالة التعديات واستعادة الحق بالشاطئ كملك عام. كما أن القانون لم يلتفت إلى ضرورة إيقاف المراسيم الاستثنائية التي لا تزال تسمح بتشريع التعديات على الشاطئ. أما التعديل، فيتم، وفق الائتلاف، عبر إضافة مادة وحيدة، تنصّ على ما يلي: «اعتباراً من تاريخه، يُحظّر على أيّة جهة رسميّة الترخيص لمصلحة أشخاص طبيعيّين أو معنويّين بإشغال أملاك عموميّة بحريّة أو بإشغال قعر المياه الإقليميّة أو جوفها أو سطحها. ويُحصر حقّ إشغال الأملاك العموميّة البحريّة بالدولة اللبنانيّة مراعاةً لمقتضيات الدفاع الوطني والمصلحة العامّة».
رئيس جمعية «نحن» محمد أيوب قال لـ«الأخبار»، إن «هذا المطلب هو الحل الجذري لهذه الانتهاكات بالقانون، بدلاً من المعارك المتفرقة التي نخوضها في كل مرة يتعرض فيه موقع جديد للاعتداء من قبل أفراد وشركات خاصة».