الطاقة الشمسية… تكلفة مرتفعة لضرورة ملحة في سوريا مع انقطاع الكهرباء

لم تستطع مايا العلبي (31 عاماً)، التي تقيم وزوجها في منطقة دويلعة بريف دمشق، أن تشتري لوح طاقة شمسية واحداً بسبب تكلفة تركيبه المرتفعة، «بدّها مصاري كتير، والله أعلم بالحال»، تقول مايا.

وأوضحت السيدة السورية الشابة أن سعر اللوح، القادر على شحن بطارية صغيرة وتشغيل إنارة لغرفة واحدة فقط في منزلها، تبلغ مليون ليرة سورية (نحو 119 دولاراً أميركياً)، بالإضافة إلى تكلفة الكابلات وغير ذلك من المستلزمات، التي تضاعِف تكلفة تركيبه، وفقاً لوكالة «أنباء العالم العربي».

ولا يتجاوز الراتب الشهري لزوج مايا، وهو موظف في مؤسسة المياه الحكومية، 110 آلاف ليرة.

ولعدم قدرتها على توفير تكلفة خيار الطاقة الشمسية؛ عمدت مايا إلى تركيب إضاءة «ليد» وبطاريات فقط لإنارة منزلها. وتقول «أنا وزوجي لا نستطيع تغطية مصروفات البيت والاحتياجات الأساسية؛ تركيب الطاقة الشمسية رفاهية، لا يمكن لأصحاب الدخل المحدود تحمل أعبائها المادية».

ومع وصول فترات انقطاع الكهرباء إلى نحو 20 ساعة يومياً، بات اللجوء إلى استخدام الطاقة البديلة خياراً لمعظم السوريين، إن سمحت لهم القدرة المالية، حيث يتم استخدام ألواح الطاقة الشمسية ومستلزماتها منزلياً وحتى في المنشآت. وقد زادت أعمال الشركات التي توفر هذه الخدمة للراغبين بنسب غير متوقعة.

تكلّف مؤيد سلوم (49 عاماً) من حلب، الواقعة شمالي سوريا، نحو 6 آلاف دولار أميركي لتركيب نظام الطاقة الشمسية، حتى يستطيع تشغيل الإنارة وجميع الأجهزة الكهربائية في منزله، وذلك بعد معاناة طويلة مع أزمة الكهرباء. لكنه اضطر إلى الاستدانة من شقيق له مقيم في السويد؛ حتى يستطيع تأمين المبلغ المطلوب لتركيب الألواح وإتمام المشروع.

وقال لـ«وكالة أنباء العالم العربي»: «مع التقنين (قطع التيار الكهربائي) لساعات طويلة، كنا نشعر كأننا نعيش في كهف… حتى اشتراك المولد الذي يكلّفنا مبالغ كبيرة شهرياً لا يؤمّن التيار الكهربائي نظراً لقلة مادة المازوت وارتفاع سعرها. الوضع اختلف تماماً اليوم وأصبحت الكهرباء مؤمّنة طوال ساعات النهار والليل».

أمّا عن تكلفة تركيب منظومة طاقة شمسية للمنزل، فقد أوضح عامر، وهو صاحب شركة محدودة لبيع وتركيب الألواح الشمسية، أنها تعتمد على كمية الكهرباء المطلوبة، وتبدأ من نحو ألفي دولار، شاملة الألواح الشمسية والبطاريات ونظام التحويل. لكنه يقول إن التكلفة تزيد مع زيادة عدد الألواح والبطاريات، أو جودة المواد المستخدمة لإنتاج قدر أكبر من الكهرباء.

عمل عشوائي خارج الرقابة

يرى عامر أن التكلفة الحقيقية لاعتماد هذا النوع من الطاقة البديلة في سوريا غير معروفة حتى الآن؛ نظراً لأن جميع الأدوات المستخدمة فيها مستوردة من الخارج، ولأنه لا يوجد قانون منظم لها، «وبالتالي العمل فيها يجري الآن بشكل عشوائي، وبعيداً عن رقابة الدولة ومتابعتها».

وكانت صحافية سورية نقلت عن مسؤول في الحكومة القول إن وضع الكهرباء في تراجع نحو ما وصفه بالكارثة، حيث حذر من احتمال عدم تمكن الحكومة من تأمين الكهرباء «ولو في الحدود الدنيا».

وبحسب المسؤول، فإن قطاع الكهرباء يحتاج إلى 15 مليار دولار حتى عام 2030، لكي يصبح قادراً على تلبية الطلب. ويقول إن هذا المبلغ يمثل فقط «التكلفة التأسيسية… غير متضمنة للتكاليف التشغيلية».

أيمن حزوري (44 عاماً) مواطن سوري آخر، قال إنه اضطر إلى بيع حُلي زوجته والاستدانة من أحد أقاربه، لكي يستطيع تركيب منظومة طاقة شمسية على سطح منزله الواقع في حي المهاجرين، والتي تكلفته نحو ألفي دولار.

يقول حزوري «كنت أحرص على عدم تخطي أمبيرين في استخدام الطاقة؛ للحد من الضغط على النظام، وحفاظاً على البطاريات لوقت أطول، ولتخفيف تكلفة الصيانة؛ إلا أنني تفاجأت بعد شهرين من تركيبها بتصاعد الدخان من بعض أجزاء المنظومة؛ ما أدى إلى إعطابها».

أظهر الفحص أن سبب العطب رداءة نوع الألواح التي اشتراها من شركة ادعت أنها تبيع ألواحاً عالية الجودة.

ويقول سامر، وهو مدير شركة لتركيب بدائل الطاقة المتجددة، إن بعض الشركات تجلب مكونات رديئة وغير صالحة للاستخدام في ظل وجود علامات تجارية مقلدة؛ بهدف الربح المادي، مستغلين قلة معلومات المستهلك عن نوعيات هذه المنظومات وآلية عملها.

وأوضح سامر أن عدم وجود رقابة حقيقية على عمل الشركات المتخصصة في الطاقة البديلة هو «السبب الرئيسي لقيام بعضها بالغش في نوعية المعدات المستخدمة في المنظومة».

عبد العزيز المعقالي، رئيس جمعية حماية المستهلك، أكد الجدوى الاقتصادية لاستخدام الطاقة الشمسية كطاقة متجددة لتوليد الكهرباء، وأشار إلى وجود توجه حكومي لتعزيز هذا القطاع، مع تقديم الحكومة دعماً للمواطنين الراغبين في تركيب وحدات إنارة من خلال مصادر الطاقة النظيفة، منذ استحداثها صندوقاً لدعم استهلاك الطاقة المتجددة ورفع كفاءة الطاقة في أواخر 2021 لتشجيع المواطنين.

لكنه قال في تصريحات لوكالة «أنباء العالم العربي» إن الجمعية تلقت خلال الفترة الأخيرة الكثير من الشكاوى بشأن الغش الذي يتعرض له المستهلك عند شرائه مستلزمات الطاقة البديلة.

ولفت إلى أن الباعة في السوق لا يلتزمون بهوامش الأرباح، التي حددتها وزارة التجارة الداخلية لهذه المستلزمات بنسبة 15 في المائة للمستورد وتاجر الجملة، و15 في المائة لتاجر التجزئة، موضحاً أن هوامش الربح التي يحصل عليها الباعة تصل في بعض الأحيان إلى 100 في المائة.

مصدرالشرق الأوسط
المادة السابقةروسيا والصين تشكّلان ملامح محور تجارة طويل الأجل
المقالة القادمةلعيون رياض سلامة: الحكومة تضحّي بالاقتصاد والمجتمع