العالم يشيح بوجهه عن العلوم التقليدية ويستجير بالتكنولوجيا

الإنفاق العالمي على الاستثمار في التقنية ارتفع إلى أعلى معدل له على الإطلاق خلال العام الجاري، حيث بلغ الإنفاق الإضافي 15 مليار دولار أسبوعيا، وهو معدل جعل الإنفاق يتجاوز الزيادة السنوية الكاملة في ميزانيات الشركات والمؤسسات خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام.

وبرز مجال أمن المعلومات والخصوصية كأهم مجالات الإنفاق، فيما أعرب 80 في المئة من مديري التقنية حول العالم عن قلقهم على الصحة العقلية لموظفيهم بسبب ضغوط العمل.

وكان كورونا السبب الرئيس وراء هذا الارتفاع غير المسبوق، لاسيما خلال الأشهر الأولى لانتشار الوباء، التي صاحبها فرض عمليات إغلاق وتوقف عن العمل على نطاق واسع.

تغيرات هائلة
جاء ذلك في النتائج التي توصل إليها أكبر استطلاع استقصائي عالمي حول الريادة والقيادة في مجال تقنية المعلومات لعام 2020، وشارك فيه 4200 من قادة ومديري التقنية في الشركات والمؤسسات المختلفة حول العالم، يشكل إنفاقها المشترك على التقنية والاستثمار فيها نحو 250 مليار دولار.

وأجرى الاستطلاع خبراء ومحللو مؤسستي “هارفي ناش” و”كيه.بي.إم.جي” الرائدتين عالميا في مجال دراسات وبحوث السوق، ونشروا ملخصا لنتائج الاستطلاع على موقع “هارفي ناش”.

وقال الرئيس التنفيذي لـ”هارفي ناش”، بيف وايت، إن الارتفاع غير المتوقع وغير المخطط له في الاستثمار التكنولوجي ترافق أيضا مع تغييرات هائلة في كيفية عمل المؤسسات.

وأضاف “مع المزيد من التغييرات التنظيمية في الأشهر الستة الماضية، التي تتجاوز ما رأيناه في السنوات الـ10 الماضية، سيكون النجاح إلى حد كبير حول كيفية تعامل المؤسسات مع ثقافتها والتفاعل مع موظفيها في عالم تم فيه تراجع الاعتماد على المقر أو المكتب التقليدي للشركة، وتغييره ليضم الآن طاولة المطبخ”.

وأوضح وايت أن أكثر من 80 في المئة من مديري التقنية حول العالم يشعرون بالقلق بشأن الصحة العقلية لفرقهم، حيث ستحتاج المؤسسات إلى إعادة صياغة العروض لموظفيها، لجذب الموهوبين منهم والاحتفاظ بهم ودعمهم خلال جائحة كورونا وما بعدها.

وبيّن وايت أنه مع هذه الزيادة الهائلة في الإنفاق، كان مجال الأمن والخصوصية يمثل المجال الأكبر للاستثمار خلال الوباء، إذ أكد 40 في المئة من قادة التقنية أن شركاتهم ومؤسساتهم شهدت ارتفاعا ملحوظا في الهجمات الإلكترونية التي تعرضت لها خلال فترة الوباء، وجاءت 83 في المئة من هذه الهجمات من التصيد الاحتيالي عبر البريد الإلكتروني، و62 في المئة منها من البرامج الضارة، ما يشير إلى أن الانتقال الهائل إلى العمل من المنزل زاد من تعرض الموظفين والشركات لها.

وذكر وايت أنه في الوقت نفسه، كافحت المؤسسات للعثور على متخصصين مهرة في مجال الأمن السيبراني لدعم هذا التحول الدراماتيكي في العمل المنزلي، لافتا إلى أن 35 في المئة من مديري التقنية قالوا إن أمن المعلومات هو الآن أكثر المهارات التقنية طلبا في العالم، تلاه مجال إدارة التغيير التنظيمي، بحصة قدرها 27 في المئة، ثم هندسة المؤسسات 23 في المئة ومن ثم مجال الهندسة الفنية والتحليلات المتقدمة بنسبة 22 في المئة.

وهذه هي المرة الأولى التي تتصدر فيها إحدى المهارات الأمنية قائمة النقص في مهارات التكنولوجيا العالمية.

تحول رقمي

وفقا للاستطلاع، فإن 42 في المئة من الاستثمارات التقنية ذهب إلى التطبيقات واسعة النطاق للحوسبة السحابية الموزعة، و34 في المئة منها ذهب إلى مجال تقديم البرمجيات كخدمة “ساس”، لتشكل البنية التحتية والحوسبة السحابية ثالث أهم مجال للاستثمار التقني خلال الجائحة، مع ارتفاع عدد قادة تكنولوجيا المعلومات الذين يفكرون بنشاط في مضاعفة استثماراتهم على السحابة الموزعة من 11 في المئة إلى 12 في المئة خلال عام واحد فقط.

وفي ما يتعلق بالمهارات المطلوبة في مجال تقنية المعلومات خلال الوباء، كشف الاستطلاع عن أن نقص المهارات في عام 2020 كان قريبا من أعلى مستوياته التاريخية على الإطلاق.

وعزز الوباء من فرص تقدم ونضج بعض التقنيات الناشئة، حيث قفز الإنفاق على التطبيقات الصغيرة للذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي من 21 في المئة قبل الوباء إلى 24 في المئة حاليا، وهي قفزة كبيرة في فترة بضعة أشهر فقط، كما تضاعف استخدام أدوات وبرمجيات “الأسواق الرقمية كخدمة” بأكثر من ثلاثة أضعاف، إذ ارتفع معدل نموها من 7 في المئة في العام الماضي إلى 23 في المئة حاليا، وأصبحت موجودة في واحدة على الأقل من بين كل ست مؤسسات.

وأشار الاستطلاع الجديد حول الاستثمار في التقنية، إلى أن الإنفاق في هذا المجال سيتعرض لضغط كبير خلال العام المقبل، وربما يتراجع بعد استيعاب صدمة الموجة الأولى لوباء كورونا، وحدوث التغيير الكبير في آليات وأدوات العمل، والتحول الرقمي. لكن 43 في المئة من قادة التقنية المشاركين في الاستطلاع يعتبرون أن الزيادة الصافية في الميزانيات العام المقبل ستظل ضعف الإنفاق على التقنية في عام 2009 الذي تلا الأزمة المالية العالمية عام 2008.

مصدرالعرب اللندنية
المادة السابقةلجنة كفرحزير البيئية حذرت من خطورة إعادة عمل مصانع الاسمنت في زمن كورونا
المقالة القادمةالإكوادور ستتلقى مساعدات دولية بأكثر من 7 مليارات دولار