العتمة تعمّ الهرمل وطوابير الذلّ تنتقل إلى الغاز… والمازوت سيّد الأزمـــات

إنتقلت عدوى طوابير المواطنين من أمام محطات المحروقات إلى شركات تعبئة الغاز لتأمين المادة، بعد الحديث والتصريحات عن فقدانها خلال عشرة أيام. وشهدت منطقة بعلبك الهرمل زحمة أمام شركات التعبئة لملء العبوات الفارغة وكل ما يمكن تعبئته خوفاً من إنقطاعها، وشملت السوق السوداء هذا القطاع الحيوي أيضاً حيث ارتفعت الأسعار، وأقفلت بعضها أمام المواطنين بحجة نفاد المخزون، فيما عمد أصحاب المحال التي تبيع الغاز إلى إقتناص الفرصة والبيع بمعدل أكبر من السعر الرسمي، حالهم كسائر أصحاب المحال وتجار الأزمات والغرف السوداء لتكديس الأرباح على حساب الناس وأوجاعهم.

ولأن العيش في جهنم لا يكتمل إلا بفقدان كل المتطلبات الحياتية للناس والمواد الأساسية وبأن يعمّ الظلام المدن والمناطق كافة، توقفت أمس المولدات الكهربائية عن العمل في سائر أحياء وبلدات الهرمل، حيث غرقت المدينة في ظلام دامس بعد إنقطاع كهرباء الدولة أيضاً بسبب فقدان مادة المازوت وفي ظل عدم تحرك أي جهة بلدية أو رسمية لتأمينها، وسادت أجواء من الغضب بين الأهالي مع ما يترتّب على ذلك من تعطل مصالح وتلف مواد غذائية.

فقدان المازوت الذي ينسحب على مجريات الحياة اليومية للمواطنين على إختلافها تعاني منه القاع ورأس بعلبك في البقاع الشمالي حيث عقد إجتماع مشترك بين رئيس بلدية القاع بشير مطر ورئيس بلدية رأس بعلبك منعم مهنا للبحث في الأمور الحياتية والمعيشية للبلدتين، وناشد الطرفان الدولة وكل المعنيين “العمل سريعاً من أجل تأمين مادة المازوت للمزارعين، لأن مواسمهم باتت معرضة للتلف وهذا مصدر رزقهم وقوت أولادهم، وجراء انقطاع هذه المادة فإن الزراعة ستزول ومعها عشرات المصانع الزراعية، مما يؤدي إلى توقف دورة الحياة في البقاع الشمالي، محذرين من وقوع كارثة معيشية حقيقية، فالمزارعون بدأوا بقطع أشجارهم لأن ري المزروعات في منطقة شبه صحراوية يعتمد على ضخ المياه من الآبار الإرتوازية ويلزمها مادة المازوت لتشغيل محركاتها، بالإضافة إلى وسائل النقل والآلات الزراعية والمعامل ومزارع الدواجن، فعشرات معامل الإنتاج الزراعي توقفت عن العمل والبعض الآخر مهدد بالتوقف مع قطع أرزاق العاملين في هذه المصانع، كما آلاف الدونمات المزروعة بالخضار والفواكه معرضة لليباس والتصحر.

ولأن الأزمات التي نعيشها لم تستثن أحداً، يواصل المساعدون القضائيون إعتكافهم عن العمل في قصور العدل كافة إحتجاجاً على تدني قيمة الرواتب وعجزهم عن تأمين أبسط حاجاتهم اليومية وفقدان البنزين للوصول إلى مراكز عملهم، حيث شهد قصر عدل بعلبك حركة خجولة، وعمد المساعدون القضائيون إلى المناوبة في ما بينهم لتسيير أمور الناس وتأمين سير العمل لناحية المهل القانونية والموقوفين.

 

مصدرنداء الوطن - عيسى يحيى
المادة السابقةأزمة الغاز تنطلق… وباخرة تنتظر في المياه الإقليمية
المقالة القادمةإنقطاع المازوت شمالاً يُهدّد بتوقّف القطاعات: الشعب يأكل بعضه بعضاً