بدأت روسيا في إحصاء الثمن الباهظ الذي لحق بقطاعها المصرفي منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا رغم تطمينات صناع القرار النقدي بأنه يتأرجح في نطاق مقبول، وسط تزايد الشكوك في قدرة موسكو على تجاوز المحنة قريبا حتى مع تماسك الروبل.
وأكد البنك المركزي الجمعة أن البنوك المحلية خسرت ما يقدر بنحو 1.5 تريليون روبل (25.5 مليار دولار) نتيجة تداعيات الصراع في شرق أوروبا.
وقال مكسيم ليوبومودروف الذي يرأس قسم التنظيم بالمركزي، والذي يشرف على أكبر البنوك في البلاد، إن هذا مستوى “مقبول” من الخسائر وأن الحكومة لديها خطط لدعم المقرضين الروس خلال الأزمة.
وهذه هي المرة الأولى التي تكشف فيها موسكو عن أرقام لقطاعها المصرفي منذ غزو أوكرانيا.
وبدأ القطاع المصرفي الروسي يراكم الخسائر منذ أن فرض الغرب عقوبات على موسكو أدت إلى استبعادها من أجزاء مهمة من النظام المالي العالمي.
وفي مطلع هذا الشهر كشف ديمتري تولين، النائب الأول لرئيس المركزي، أن نحو ثلثي الخسائر جاءت من عمليات العملات الأجنبية حيث مُنع المقرضون من التداول بالدولار واليورو والعملات الأخرى.
ونقلت صحيفة الأعمال الروسية “آر.بي.سي” عن تولين قوله إن الخسائر تركزت بين البنوك “ذات الأهمية النظامية”، والتي تعد الأكبر ولديها متطلبات أعلى لكفاية رأس المال.
وتكبدت البنوك غير المربحة خسارة مجتمعة بلغت 1.9 تريليون روبل (30 مليار دولار)، بينما حصل المقرضون المربحون على 400 مليار روبل مجتمعة (6.7 مليار دولار).
لكن تولين أصر على أن المركزي لا يتوقع تكرار الأزمة المصرفية في الفترة الفاصلة بين 2014 و2017، عندما اضطرت الهيئة التنظيمية لإنقاذ العديد من المقرضين وجردت التراخيص المصرفية من مئات البنوك ضعيفة الرسملة.
وقال إنه “من الواضح أن الرسملة الإضافية للنظام المصرفي ليست مطلوبة بعد”، لكنه أضاف أنه “قد تكون هناك حاجة إلى قرارات هادفة لتقديم المساعدة المالية لبنوك معينة من قبل أصحابها”.
وأوضح أن هناك فرصة “تزيد عن 50 في المئة” بأن الخسائر للعام بأكمله ستقتصر على 1.5 تريليون روبل.
ووجدت البنوك الروسية المحرومة من الاستفادة من شبكة سويفت صعوبة في التواصل مع البنوك الأخرى على المستوى الدولي حتى في دول صديقة مثل الصين، ما أدى إلى زيادة كلفة المعاملات.
وفي محاولة لمواجهة سيل العقوبات الغربية، قام المركزي الروسي بتعزيز السيولة لدى القطاع المصرفي بمليارات إضافية من النقد الأجنبي والروبل، بينما تعهدت الحكومة بالدعم الكامل للشركات التي تضررت من العقوبات.
وفي يونيو الماضي، تخلفت روسيا عن سداد ديونها الخارجية لأول مرة منذ الثورة البلشفية في 1918 بعد أن منعت الولايات المتحدة الوصول إلى 600 مليار دولار من الأموال في بنوك وول ستريت، مما جعلها غير قادرة على الوفاء بالتزاماتها.
وتم تجميد أصول البنك المركزي مما منع الوصول إلى المزيد من الاحتياطيات الأجنبية. كما جمدت المملكة المتحدة روسيا من نظامها المالي إلى جانب تحركها للتخلص التدريجي من جميع واردات الطاقة من البلاد.
وقال تولين إنه أصبح “أكثر وأكثر إشكالا”.