“الكباش” يحتدم بين منصوري والمصروفين من “هيئة الأسواق”

يحتدم «الكباش» بين موظفي هيئة الأسواق المالية وحاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري الذي أراد حلّ تلك الهيئة وصرف العاملين فيها. وبالعودة الى بداية القصّة، أصدر منصوري قراراً في نهاية كانون الأول الماضي يقضي بوقف الأعمال الإدارية للهيئة التي تضم 43 موظّفاً بشكل موقت، والطلب من الموظفين إما تقديم إستيداع، وهو عبارة عن إجازة غير مدفوعة، أو تقديم الإستقالة.

عندها تحرك الموظفون قضائياً باعتبار أن الهيئة مرفق عام. فقدّم عدد كبير منهم طعناً في مجلس شورى الدولة بقرار وقف العمل، وربحوا الطعن وصدر حكم بوقف تنفيذ القرار.

تتمة القصة

أوضح مصدر مطّلع لـ»نداء الوطن»، ان «منصوري حاول الإلتفاف على قرار الطعن. فأبقى على مجلس الإدارة المعيّن بمرسوم حكومي، إضافة إلى ثلاثة حجّاب لأعضاء مجلس الإدارة الثلاثة، ومساعدتين إداريتين لمجلس الإدارة أيضاً، وموظفين كانوا قد نقلوا منذ البداية من مصرف لبنان لكنّ عقودهم أصبحت لدى هيئة الأسواق المالية وهم: مسؤول الأمن، مسؤول الأبحاث والإعلام، مسؤول المعلوماتية ومسؤولة الشؤون القانونية (وكلّهم فائض لم يأتِ قانون انشاء الهيئة على أي ذكر لمديرياتهم)، وثلاث موظفات أخريات: مساعدة الأمين العام لأنها تراجعت عن الطعن وسحبت اسمها قبل صدور وقف التنفيذ، ومساعدة مسؤولة الشؤون القانونية لأنها كانت هي من كتبت القرار المعيوب المطعون به في 28 كانون الأول 2023، والموظفة الوحيدة التي بقيت في وحدة الرقابة على الأسواق المالية لأنها بدأت تبدّل توصيات رئيس وحدة الرقابة السابق تنفيذاً لتوجيهات أحد أعضاء مجلس الإدارة وخدمة لبعض المؤسسات».

المتواطئون

وأشار المصدر الى أن «عضو مجلس الإدارة واجب علي قانصو الذي لعب دوراً حين كان مديراً لمالية الهيئة اصطف الى جانب منصوري، علماً انه كان قد قدّم استقالته ثم تراجع عنها بعد أن رفض منصوري أن يسدّد له فرق تعويضه الذي سبق ان تقاضاه سلفاً مع أعضاء مجلس الإدارة المتبقين، إضافة إلى تعويض الضمان غير المستحق لهم بعد.

إضافة الى قانصو، هناك العضو التنفيذي الثاني في مجلس الإدارة الذي أيّد طرح صرف الموظفين بأقل رواتب ممكنة، وعضوان غير تنفيذيين أحدهما يستفيد من راتبين إثنين بدلاً من واحد شهرياً، إضافة إلى بدل تعليم لا يحق لغير التنفيذيين، وموظفة أخرى. أما العضو التنفيذي الثالث وليد قادري الذي طعن أمام مجلس الشورى كان المعارض الوحيد لقرار مجلس الإدارة بالصرف، معللاً الأسباب بأن المؤسسة لا تعاني من مشاكل مالية. ولو سلّم جدلاً بذلك، فالمؤسسة التي تعاني من عجز مالي لا تصرف الأخصائيين لديها وتترك الحجاب والمساعدات.

مسألة التمويل

يقول المصدر إن أحد اسباب وقف العمل هو شح موارد التمويل، وربّما طيّ ملفّات كملف «أوبتيموم» الذي كانت وحدة الرقابة على الأسواق المالية أزاحت الستار عنه، فأراد إقفال الباب الذي يأتيه منه الريح.

أما عن وضع هيئة الأسواق المالية فليس سيّئاً، كما قال المصدر، إذ «تمّت جباية أموال البدلات والعمولات السنوية التي تسدّدها المؤسسات المرخصة للهيئة لا سيّما بعد أن ارتاحت تلك المؤسسات لقرار وقف التنفيذ الصادر عن مجلس الشورى منعاً لإقفال الهيئة، فتمت جباية أكثر من 700 ألف دولار خلال فترة شهر ونصف مقابل الحفاظ على الترخيص للأنشطة مثل الترتيب، التعامل، الإدارة، تقديم المشورة والحفظ، بالإضافة إلى رسم التسجيل السنوي للأشخاص المسجلين لدى الهيئة.

وتتمّ الجباية بحسب الإعلامات ذات الصلة في الفصل الأول من كل سنة قبل آذار، وهذا ما فعلته المؤسسات لا سيّما بعد أن ربح الموظفون الذين قدّموا الطعن القرار لدى مجلس الشورى. لكن الحاكم بالإنابة قرر إعادة وقف أعمال الهيئة عملياً بعد أن تعذّر عليه وضع قراره المطعون به حيّز التنفيذ، ويعاقب الطاعنين كما أكّد أحد أعضاء مجلس الإدارة خلال إحدى الجلسات «كل اللي طعنوا لازم يفلّوا». لكن السؤال هو: من سيدرس طلبات تلك المؤسسات التي سدّدت إشتراكاتها طالما أنه تمّ صرف نحو 30 موظفاً، أغلبيتهم من حملة الشهادات والدراسات العليا التقنية الخاصة بالأعمال المالية وأصحاب الخبرة في المجال، وأبقي على الحجاب والمساعدات الإدارية ومسؤولي مديريات من دون مديريات.

كيفية الصرف

يقول المصدر إن «قرار صرف الموظفين بالأسماء اتخذ في مجلس الإدارة وهو موجود في محضر الجلسة. لم يتبلّغ فيه بعد الموظفون بشكل رسمي لكن تم التداول بالقرار في الأروقة كلّ عبر مصدره المحسوب عليه، لأنه لم يتمّ إبلاغ وزارة العمل بعد بالأسماء قبل شهر من الإبلاغ الرسمي بحسب ما تقتضي الأصول. واستناداً الى ما يتمّ تداوله، فإنّ منصوري عازم على مخاطبة وزارة العمل حول صرف نحو 30 موظفاً، ولكن الأمر غير المعلوم هو سبب الصرف الذي سيذكره في الرسالة. فإذا أصرّ على عدم وجود الموارد، سيصطدم بالأرقام الموجودة وهو يعرفها، أما إذا عزا أمر الصرف إلى إعادة هيكلة الهيئة، فكيف له أن يبرّر صرف التقنيين أصحاب الشهادات الذي ينصّ عليه القانون 161 ( قانون إنشاء الهيئة) وترك الفائض ممّن لا دور له أصلاً. هل سيوظّف من جديد؟ هل يعيد توظيف بعض ممّن صرف؟ والسؤال الأبرز كيف ستتعامل المؤسسات التي سدّدت اشتراكاتها مع هيئة لن تكون قادرة على أداء دورها؟

نشأت الهئية الوطنية للأسواق المالية كما ورد في المادة الثالثة من القانون رقم 161 /2011 المتعلّق بالأسواق المالية، في مدينة بيروت وتتألف من مجلس الهيئة والأمانة العامة، وحدة الرقابة على الأسواق المالية، ولجنة العقوبات. ومن أجل مقتضيات تحقيق مهامها، تقوم «هيئة الاسواق» بالتنسيق والتعاون مع نظيراتها ومع كل من مصرف لبنان أو أية سلطة أو مؤسسة أخرى معنية في لبنان والخارج.

وتعتبر الهيئة شخصاً معنوياً من أشخاص القانون العام وتتمتع بالاستقلال الإداري والمالي ولا تخضع لقواعد الإدارة وتسيير الأعمال وللرقابات التي تخضع لها مؤسسات القطاع العام. أما عملها فيتمحور حول تنظيم وتطوير الأسواق المالية في لبنان، تقليص مخاطر النظام في الأسواق المالية، حماية المستثمرين من الممارسات غير المشروعة أو غير المتوافقة مع الاصول وتنظيم ورقابة عمل البورصات المرخص لها…

حاكم مصرف لبنان أو من يحلّ محلّه قانوناً يرأس أعضاء مجلس الإدارة الستة وهم: الحاكم ومدير وزارة المالية ومدير عام وزارة الإقتصاد ورئيس لجنة الرقابة على المصارف وثلاثة خبراء.

مصدرنداء الوطن - باتريسيا جلاد
المادة السابقةتعديل في مشروع “نيوم”
المقالة القادمةفضيحة عمولات صفقات “أوبتيموم” تكرّس اللاثقة بمصرف لبنان