“الليلرة”.. وتحويل 70% من ودائع الدولار الى ليرة!

يقترب استحقاق توزيع الخسائر التي قدّرتها الحكومة بنحو 69 مليار دولار. وبات معروفاً أن بين الحلول المقترحة “ليلرة” بين 50 و70% من الودائع، مع التركيز على ما تحول من ليرة الى دولار بعد 17 تشرين 2019 وعلى مبالغ الفوائد السابقة المتراكمة لا سيما تلك التي تحصّلت من الهندسات المالية. ومجموح الحالتين 40 الى 45 مليار دولار.

الى ذلك، هناك ودائع 200 الف دولار وما دون ستطبّق عليها “ليلرة” جزئية على سعر صيرفة، مع ضمان تسليم اصحاب الودائع، من 50 الفاً وما دون، دولارات حقيقية “فريش”. ستواجه بعض هذه الطروحات مقاومة شديدة، خصوصاً وان البلاد عشيّة انتخابات وسيجد المودعون ان سياسيين يقفون بجانبهم شعبوياً.

وربما كان الحلّ العادل لتوزيع الخسائر هو تحميل المصارف 20 مليار دولار ويطلب منها رسملة كاملة جديدة، علماً بأنها ترفض تحمّل اكثر من 5 مليارات، و25 مليار دولار على عاتق الدولة ومصرف لبنان، و25 ملياراً يتحملها المودعون لا سيما الكبار منهم او الذين استفادوا كثيراً من الفوائد. وعن طرح انشاء صندوق يضمّ اصولاً عامة تربط عائداتها بتعويض ما على المودعين، فان ذلك لا يمكن ان يرى النور الا بعد الاتفاق مع حملة سندات اليوروبوندز بهيركات يراوح بين 60 و75%.

لكن ماذا امام المودعين من خيارات لتخفيف خسائرهم؟

يمكن لهم استخدام شيكات بمبالغهم كلياً او جزئياً في شراء ديون شركات متعثرة كثيرة تبحث عمن يسدّد ديونها او يدخل فيها شريكاً. وهناك خيار شراء اسهم مثل سهم سوليدير. هذان الخياران، ومع مرور عدة سنوات، قد يخففان من الخسائر او الهيركات القاسي.

فهناك الآن نحو 16 مليار دولار قروضاً مصرفية على القطاع الخاص الذي تعاني شركات فيه الأمرّين مع ضغوط تمارسها البنوك للسداد او وضع اليد على الضمانات لا سيما العقارية منها. لذا قد نشهد مودعين مقتنعين بشراء تلك الديون المصرفية والرهان على المستقبل هرباً من الخسائر القاسية وربما طمعاً بالربح في استثماراتهم الجديدة، خصوصاً في الشركات المنتجة او الواعدة. ويذكر ان شيك “اللولار” اليوم لا يساوي الدولار فيه اكثر من 5500 ليرة حتى لو كان سعر السحب وفقاً لتعميم البنك المركزي على 8000، لأن السحوبات لا تحصل الا بكوتا وسقوف منخفضة. ومع سعر 5500 يكون شيك “اللولار” قد ارتفع من 18% من قيمته الاصلية الى نحو 23% مع انخفاض الدولار.

بالعودة الى هيكلة القطاع المصرفي لا يتوقع ان يبقى صامداً في السوق بعد توزيع الخسائر بعدالة الا البنوك العشرة الكبيرة اضافة الى عدد قليل من البنوك الاخرى غير المنكشفة كثيراً على خسائر الودائع والدين العام بالدولار. ولا ننسى ان مصارف عديدة يقف وراءها سياسيون حريصون على دعم الاستثمار المصرفي وبقاء من يريدون بقاءه بضخ رساميل جديدة. اما المستثمر الاجنبي فقد لا نراه عائداً الى الاستثمار في القطاع الا بعد التوزيع الكامل للخسائر وبعد الاتفاق مع صندوق النقد والاتفاق مع الدائنين كما انه ينتظر ترسيم الحدود.

إذا سارت الامور كما يجب، فان الدين الى الناتج سينخفض من نحو 200 الى 100% او اقل من الناتج، وهذا شرط من شروط صندوق النقد مع الأخذ في الاعتبار ان الدين العام بالليرة سيبقى اسمياً كما هو بعدما فقد من قيمته اكثر من 90%. أما عن مستقبل الليرة مع “اللولرة” فان اقرار قانون للكابيتال كونترول يضمن نسبياً استقراراً في سعر الصرف لا سيما اذا دخل ميزان المدفوعات في حالة توازن او فائض من جديد، بعد الاتفاق مع صندوق النقد الدولي وترسيم الحدود. فلننتظر ونرَ!

 

مصدرنداء الوطن - ميشال قزح
المادة السابقةإما فتح اعتمادات اليوم وإما أزمة طحين ورغيف
المقالة القادمةالفحيلي: حاكم مصرف لبنان “يلعب” ضد المصارف