المصارف تُرمّم “واجهاتها”… والمودعون “يهلكون”

في الأمس انتهت المُهل. و”المركزي” عقد العزم على تطبيق المادة 70 من قانون النقد والتسليف، انطلاقاً من ان “استقرار القطاع المصرفي هو من واجباته وأولوياته”، قالها مصرف لبنان في بيان، مشدداً على ان “مقاربته ستكون هادفة الى اتخاذ كل الاجراءات الآيلة الى معالجة وضع المصارف، وصولاً الى تعزيز استقرار الوضع المصرفي وضمانة أموال المودعين وحقوقهم”. ولكن المشكلة ان هذا الحل الذي يرتكز عليه المركزي في المعالجة “غير مستدام، وغير واضح المعالم، لأنه غير مبني على خيارات واضحة في ما خص أهداف إعادة هيكلة الدين العام، وإعادة هيكلة مطلوبات مصرف لبنان وتنقيح ميزانيته الغارقة في الديون بالعملة الصعبة، لا سيما وأن أكثر من 65 في المئة من موجودات المصارف تقوم على الدين العام والودائع لدى مصرف لبنان”، تقول كبيرة الاقتصاديين للشرق الاوسط وشمال أفريقيا وآسيا الوسطى لدى مصرف “جفريز” عليا مبيض، “وبالتالي فان أي عملية لرسملة المصارف غير مبنية على معالجة الخسائر الناتجة عن إعادة الهيكلة، والتي يجب أن تدرج من ضمن الخطة الاقتصادية والمالية الشاملة، ستأتي فقط على حساب المودعين. خصوصاً أصحاب الودائع الصغيرة والمتوسطة، كما هو الحال منذ تشرين الاوّل 2019”.

وذلك لأن “المشاكل الأساسية المتعلقة بانهيار الليرة، والاستمرار في طباعة العملة لسد حاجات المالية العامة، واستنزاف ما تبقّى من سيولة دولارية لدى مصرف لبنان، ستبقى عالقة، ولن تسمح بوقف الإنهيار الحاصل. لا بل ستضغط على كل من سعر الصرف، والتضخم. وستنعكس سلباً على القيمة المتبقية من الودائع وحقوق المودعين، وإفقاراً للمجتمع بكلّ أطيافه”.

لا شيء من الممكن ان يعوض الخلل الحاصل. فطالما لم تُوضع مقاربة شاملة لإعادة هيكلة القطاع المصرفي من ضمن برنامج للإستقرار المالي والنهوض الاقتصادي مع صندوق النقد الدولي، طالما الإنهيار سيستمر. وبرأي المبيض فان “الإتفاق مع الصندوق يجب أن يبنى على 5 ركائز أساسية، وهي: 1) إعادة هيكلة الدين العام وإصلاح المالية العامة عبر زيادة فعالية الانفاق، وترشيده وتنفيذ إصلاحات ضريبية عميقة ؛ 2) إعادة هيكلة القطاع المصرفي، مع إعطاء الأولوية لتنقيح ميزانية مصرف لبنان؛ 3) إصلاح السياسات النقدية وسياسة سعر الصرف؛ 4) إصلاحات هيكلية لإطلاق عجلة النمو (حوكمة، بيئة أعمال؛ و5) صياغة منظومة جديدة للحماية الإجتماعية…

لبنان بحاجة لبرنامج وطني متكامل يتفق عليه اللبنانيون يتضمن كل هذه الاصلاحات التي لن تؤدي إلى دعم الصندوق فحسب، بل إلى إعادة التوازن، إلى الاختلالات المالية الخارجية، تحسين تنافسية الصادرات من السلع والخدمات وعودة التدفقات المالية الخاصة تدريجياً، إذا ما التزمت السلطات اللبنانية بتطبيقه. وإلا فان الانهيار مستمر لا محالة. ففي السنة الماضية، انخفض العجز التجاري في ميزان المدفوعات بشكل كبير من 14 ملياراً إلى 7 مليارات تقريباً، وتحديداً في ما يتعلق بالميزان التجاري، إلا أن مصرف لبنان خسر 13 مليار دولار من سيولته الدولارية في العام 2020. جزء كبير منها ذهب على الدعم وتهريب الاموال والبضائع عبر الحدود، بسبب غياب قانون لـ”الكابيتال كونترول”.

مصدرنداء الوطن - خالد أبو شقرا
المادة السابقةكارثة التلوث النفطي… ما خفي أعظم
المقالة القادمةإنجاز لبناني جديد: الحد الأدنى للأجور 72 دولاراً!