المفاوضات مع صندوق النقد

الفريق الحكومي الذي يفاوض صندوق النقد الدولي قادر على التوصّل إلى اتفاق في مهلة أسبوع لا أكثر، لكن العائق الأساسي يأتي من قبل القوى السياسية الممثّلة في الحكومة وفي المجلس النيابي والتي تختلق في كل مرّة مادة خلافية لتطيير أي مشروع أو اقتراح إصلاحي.

مثلًا في ملف الكهرباء الذي كلّف خزينة الدولة أكثر من 45 مليار دولار أميركي ويشكّل المطلب الإصلاحي الأول لصندوق النقد الدولي، ترفض بعض القوى السياسية تعيين هيئة ناظمة للقطاع وذلك بسبب رغبة هذه القوى الإستمرار في وضع اليد على مرفق يُعتبر من الأكثر فسادًا وهدرًا للمال العام. وللتذكير، فإن الهدف من الهيئة الناظمة في هذا القطاع أو أي قطاع اخر (مثل قطاع الإتصالات) تكمن في رفع يد السياسيين عن القطاع وبالتالي لجم صلاحيات الوزير (الوزراء) الذي وقّع على سلفات الخزينة إلى قطاع لا نعلم أي أهدر ما يوازي نصف الدين العام!

والمشكلة أبعد من ذلك، إذ ان السلفات التي مضى عليها الوزراء والحكومات المتعاقبة، كانت غير قابلة للإسترداد نظريًا وعمليًا. نظريًا لأن بعض المسؤولين يقولون ان هذه الأموال التي أخذتها مؤسسة كهرباء لبنان لم تكن سلفات بل كانت مساهمات من قبل الدولة، وبالتالي تُعفى المؤسسة من ردها إلى الخزينة العامة. بالطبع هذا الأمر غير صحيح نظرًا إلى أن قوانين الموازنات المُقرّة على مر السنين لحظت بكل وضوح عبارة «سلفة لمؤسسة كهرباء لبنان» وبالتالي أي بدعة قانونية يقومون بختراعها، هدفها عدم التدقيق في مصير هذه السلفات! أما عمليًا، فالكل يعلم أن مؤسسة فاشلة كمؤسسة كهرباء لبنان عاجزة كل العجز عن سدّ هذه السلفات نظرًا إلى غياب أي إجراءات تصحيحية داخلها وذلك من تسعينات القرن الماضي وحتى يومنا هذا.

وماذا نقول عن الإصلاحات في قطاع الإتصالات التي يعمد وزيرها إلى رفع التعرفة على اللبنانيين في الأول من حزيران المقبل حيث سيتم ضرب الفاتورة بخمسة أضعاف وهو ما سيشكّل ضربة إضافية للمواطن اللبناني القابع تحت ثقل العبء المعيشي. وبالنظر إلى الحجج التي يستخدمها الوزير أي ارتفاع أسعار المحروقات وأسعار قطع الغيار التي تُسعّر بالدولار الأميركي، نرى أن هذه الحجج تُعدّ إدانة لقطاع الإتصالات والقيمين عليه من ناحية أن مؤسسة مثل مؤسسة أوجيرو تدفع كل يوم 60 ألف دولار أميركي لشراء المازوت لتشغيل محطاتها! ألم يخطر ببال هؤلاء القيمين أن يقوموا بمشاريع تغذية لهذه المحطات من الطاقة الشمسية مثلاً؟

وماذا عن التهريب الذي يقوم به التجّار سواء إلى داخل أو خارج لبنان؟ هل تشابك المصالح القائم بينهم وبين أصحاب النفوذ سيسمح بمنع هذا التهريب؟ الجواب بالطبع كلا نظرًا إلى أن القوى السياسية التي تتغذى من الكهرباء والإتصالات والتهريب، لن تقطع باب رزقها بيدها!!

مصدرالديار
المادة السابقةمجزرة الكابيتال كونترول
المقالة القادمةصندوق النقد يستعجل الحكومة بـ”إتفاق إطار” بـ5 بنود