المقاولات التركية تسعى لاقتناص فرص الانفتاح على أسواق الخليج

تحاول الحكومة التركية جاهدة مساعدة شركات البناء في البحث عن نشاطات خارجية بسبب ركود قطاع الإنشاءات في السوق المحلية نتيجة الأزمة الاقتصادية وانحدار الليرة الذي أدى إلى معاناتها.

ويقول المتابعون للشأن الاقتصادي التركي إن الشركات المحلية تحاول الهروب إلى الخارج تفاديا لخطر الإفلاس بسبب دخول الاقتصاد في الركود وتعرض معظم النشاطات الإنتاجية إلى هزة بسبب تداعيات الحرب في أوكرانيا.

وتزعزعت ثقة الأسواق المالية بالاقتصاد التركي بدرجة كبيرة منذ بداية العام الجاري نتيجة تدخلات الرئيس رجب طيب أردوغان في السياسة المالية، إضافة إلى سياساته الخارجية التي أفقدت أنقرة معظم أسواق المنطقة.

واليوم تسعى شركات الإنشاءات لاقتناص فرص الانفتاح على أسواق الخليج العربي بعد التقارب بين أنقرة ودول المنطقة خلال الآونة الأخيرة بعد جفاء لسنوات جراء المواقف المتباينة في العديد من الملفات السياسية الإقليمية والدولية.

ومع فتور العلاقة تراجع ترتيب دول المنطقة في قائمة المستثمرين الأجانب بالقطاع التركي في السنوات الأربع الماضية، لكن عودتها أضافت إليها دفعة مع توقعات بارتفاع الطلب الخليجي على العقارات خاصة السكنية منها.

ويبدو أن الأهم بالنسبة إلى الشركات التركية من الآن فصاعدا هو حضور قطاع المقاولات في أسواق الخليج وفي أسواق أخرى تدعمها حكومات المنطقة.

ويعمل الجانب التركي بشتّى الوسائل للانفتاح على دول المنطقة والمشاركة في المشاريع الاقتصادية والتجارية والاستثمارية وعلى مختلف الأصعدة.

واعتبر رئيس اتحاد المقاولين الأتراك أردال أران أن تقارب بلده مع بلدان الخليج ساهم في إنعاش القطاع من خلال الفرص التي قدمها للانخراط في مشاريع جديدة، سواء في هذه البلدان أو لدى غيرها.

وتزامنا مع هذا التقارب تم اختيار أحد أعضاء الاتحاد لمنصب نائب رئيس اتحاد مقاولي البلدان الإسلامية (أف.أو.سي.آي.سي) خلال آخر اجتماع للجمعية العامة للاتحاد.

وقال في مقابلة مع وكالة الأناضول الثلاثاء إن “تحسن العلاقات فتح الباب أمام المقاولين الأتراك للدخول إلى السوق الكبير، لاسيما وأن السعودية تهدف إلى بناء مشاريع بقيمة 3.3 تريليون دولار خلال السنوات العشر المقبلة”.

وأكد أن المقاولين الأتراك يعتبرون زيارة الرئيس رجب طيب أردوغان إلى الرياض، والتي تلتها زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى أنقرة، فتحت صفحة جديدة في علاقات البلدين.

وفي يونيو الماضي أجرى ولي العهد السعودي زيارة رسمية إلى تركيا بعد أقل من شهرين من أول زيارة يجريها أردوغان إلى الرياض منذ سنوات، حيث قرر البلدان عقب الزيارتين بناء شراكات استثمارية واقتصادية وتجارية في كافة المجالات.

وتتطلع السعودية إلى تعزيز الاستثمارات في تركيا حيث أكد وزير المالية محمد الجدعان مطلع الشهر الجاري على ذلك الاتجاه، ما قد يمثل دفعة كبيرة لمحاولة أردوغان الحفاظ على استقرار الليرة قبل الانتخابات الرئاسية العام المقبل

وكان وزير التجارة السعودي ماجد القصبي قد أكد خلال لقائه مع ممثلين عن قطاع الأعمال التركي الصيف الماضي أن علاقات أنقرة والرياض ستتحسن وستصل إلى مستوى أفضل مما كانت عليه قبل عام 2018.

وتواصل السعودية تنفيذ رؤية 2030 القائمة على تعزيز الاقتصاد غير النفطي عبر إحداث نقلة نوعية في قطاعات السياحة والعقارات والتجارة والخدمات اللوجستية وبناء مدن ومرافق جديدة، وكلها تتطلب كيانات عقارية ضخمة للقيام بها.

وتضرر الاقتصاد التركي بشدة بسبب التوتر الذي فجره أردوغان، خاصة مع السعودية التي قاطعت معظم شركاتها المنتجات التركية ردّا على تماديه وكبار المسؤولين في حكومته في استهداف البلد الخليجي، لاسيما بعد مقاطعة قطر في يونيو 2017.

ولن تكتف الشركات التركية بتنمية نشاط بالسوق السعودية، فإلي جانب استثماراتها في قطر، تريد هذه الكيانات توسيع أعمالها في السوقين الإماراتية والكويتية كذلك.

وقال رئيس مجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية التركي نايل أولباك في وقت سابق هذا العام إن “هناك إمكانات استثمارية بين تركيا ودولة الإمارات”، مؤكدا أن الطرفين يستهدفان التركيز على قطاع البناء والإنشاءات خلال المرحلة المقبلة.

وتشير التقديرات إلى أن شركات المقاولات التركية تمكنت من تنفيذ قرابة 150 مشروعا في الإمارات بقيمة 13 مليار دولار حتى مطلع العام الجاري.

وتعتبر الإمارات الشريك التجاري الأكبر لتركيا في منطقة الخليج، كما تحتل المرتبة الثانية خليجيا على مستوى الاستثمارات المباشرة في السوق التركية.

وفي ديسمبر العام الماضي افتتحت شركة فولكارت، والتي تعد أحد أبرز الكيانات التركية في مجال الإنشاءات، أول مكاتبها خارج البلاد وتحديدا في مدينة دبي.

وبالنسبة إلى السوق الكويتية، فإن ثمة اهتماما من قبل المسؤولين الأتراك لتعبيد الطريق أمام الشركات المحلية لضخ استثماراتها في قطاع الإنشاءات بالبلاد الخليجي.

وفي أكتوبر الماضي قالت سفيرة تركيا لدى الكويت طوبى نورسونمز إن “قيمة الأعمال التي تقوم بها شركات المقاولات التركية في الكويت بلغت 8.4 مليار دولار حتى الآن”.

وتظهر الإحصائيات الرسمية أن هناك حوالي 50 شركة تركية تعمل في السوق الكويتية، بينما هناك نحو 382 شركة في تركيا تعمل باستثمارات كويتية.

وتهدف تركيا إلى رفع حصتها من خدمات المقاولات الدولية إلى نحو 75 مليار دولار خلال السنوات القليلة المقبلة حتى تستحوذ على 10 في المئة من القطاع عالميا.

مصدرالعرب اللندنية
المادة السابقة«عاصفة القرن» تخلف فوضى اقتصادية في أميركا وتصعد بأسعار النفط والغاز
المقالة القادمةالحرب تُقلل من صخب صفقات التكنولوجيا المالية في الأسواق