المنطقة العربية مرشحة لتكون مصدّراً رئيسياً للهيدروجين الأزرق والأخضر

قال تقرير اقتصادي حديث إن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مرشحة بقوة لأن تصبح مصدِّراً رئيسياً للهيدروجين الأزرق والأخضر، نظراً لانخفاض كلفة مصادر الغاز الطبيعي والطاقة المتجددة فيها، لافتاً إلى أن عدداً من دول المنطقة – بما في ذلك السعودية والمغرب – قد اتخذت خطوات جدية لتعزيز موقعها كمصدّرَيْن منخفضي الكلفة للهيدروجين الأزرق والأخضر والأمونيا منعدمة الانبعاثات الكربونية وغيرها من المنتجات المشابهة.
وقال تقرير «توقعات استثمارات الكهرباء في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا 2020 – 2024» للشركة العربية للاستثمارات البترولية (ابيكورب)، إن ازدياد الاستثمارات المخطط لها في مشاريع نقل وتوزيع الكهرباء في كثير من دول المنطقة خلال السنوات الخمس المقبلة يمثل من أبرز التطورات والتوجهات الإقليمية التي رصدها التقرير، وذلك نتيجة تنامي حصة الطاقة المتجددة في مزيج توليد الكهرباء والمساعي القائمة لتطوير الربط الكهربائي بين دول المنطقة.

ومن جهة أخرى، قال التقرير إن دور القطاع الخاص في تمويل مشاريع توليد الكهرباء في المنطقة ما زال يعتمد إلى حد كبير على الإصلاحات في القطاع والضمانات الحكومية، حيث يشير التقرير إلى أن معظم المشاريع التي تزيد ديونها على أصولها تعتمد نموذج تمويل دون حق رجوع، أو مع حق رجوع محدود بنسبة دين إلى الأصول من 60 إلى 40 بالمائة و80 إلى 20 بالمائة على التوالي، وقد تصل هذه النسبة إلى 85 : 15 بالمائة للمشاريع منخفضة المخاطر المدعومة بضمانات حكومية قوية، لكن هذا الوضع قد يتغير جرّاء الإصلاحات التنظيمية الرامية إلى دعم مصادر الطاقة المتجددة، بالإضافة إلى التداعيات التي خلفتها أزمة 2020.

وأوضح التقرير أن التقديرات تشير إلى أن تداعيات جائحة فيروس كورونا على القطاعات الصحية والاقتصادية والمالية قد كلّفت الاقتصاد العالمي ما يقارب تريليون دولار مع تفاوت آثارها من قطاع لآخر، بما في ذلك قطاع الكهرباء، بالإضافة إلى إبرازها أهمية استقرار إمدادات الكهرباء والخدمات الرقمية بالنسبة للاقتصاد، فقد أثرت الجائحة بشكل ملموس على طبيعة الطلب على الكهرباء في قطاعات الاقتصاد الرئيسية الثلاثة والممثلة بالقطاع السكني والتجاري والصناعي.

وقال: «ازدادت حصة استهلاك الكهرباء في القطاع السكني على حساب القطاعين الصناعي والتجاري، في ظل تراجع النشاط التجاري والصناعي من جهة، وزيادة الوقت الذي يقضيه الناس في منازلهم بسبب إجراءات الإغلاق من جهة أخرى». ووفقاً لتقرير «ابيكورب»، يستحوذ القطاع السكني حالياً على 41 في المائة من إجمالي الطلب على الكهرباء في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، يليه قطاعا الصناعة والتجارة بنسبة 21 في المائة و20 في المائة على التوالي، فيما تتشكل النسبة المتبقية البالغة 18 في المائة من قطاعات أخرى كالزراعة والنقل، بالإضافة إلى عوامل أخرى.

وقال الدكتور أحمد عتيقة، الرئيس التنفيذي لشركة «ابيكورب»: «لقد حافظت الاستثمارات في قطاع الكهرباء على مستوياتها نسبياً مقارنة مع قطاعات الطاقة الأخرى، على الرغم من التداعيات الناجمة عن جائحة فيروس كورونا. وبالتالي نتوقع أن يلعب هذا القطاع دوراً محورياً في تسريع عملية التعافي الاقتصادي مع انحسار الجائحة، خصوصاً مع بروز أمن الطاقة والخدمات الرقمية كأولويات استراتيجية للاقتصاد».

وأضاف أنه «انسجاماً مع رؤية (ابيكورب) المتمثلة في دعم التنمية المستدامة لقطاع الطاقة في المنطقة العربية، فإننا سنواصل دعم المشاريع الحيوية والتقنيات الواعدة التي تسهم في تحقيق هذه الأهداف الاستراتيجية وتعزز استدامة الطاقة في المنطقة».

من جهتها، قالت الدكتورة ليلى بنعلي، كبيرة الخبراء الاقتصاديين في «ابيكورب»: «بالنظر إلى المستقبل، فإن كفاءة السياسات ورقمنة قطاع الكهرباء سيشكلان عاملين حاسمين في تحديد طبيعة الطلب المتوقع على الكهرباء والاستثمارات في القطاع. وإلى جانب تعزيز ترابط وتكامل سوق الكهرباء على صعيد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فإن دول المنطقة تتمتّع بإمكانات واعدة لتصدير منتجات منعدمة الانبعاثات الكربونية، خصوصاً في ظل التحول الحالي لتوليد الكهرباء من مصادر مثل الهيدروجين والأمونيا، وهذا ما ينبغي لصنّاع السياسات في المنطقة أن يسعوا لتحقيقه مستقبلاً». وأدت تداعيات الجائحة وتقلبات أسعار النفط إلى تنامٍ لافت في حصة مصادر الطاقة المتجددة والتقنيات النووية في توليد الكهرباء على الصعيدين العالمي والإقليمي، ويرجع ذلك في المقام الأول إلى انخفاض الكلفة غير المسبوق في الطاقة المتجددة، إلى جانب الأهداف التي وضعتها حكومات دول المنطقة لزيادة الاعتماد على الطاقة المتجددة – التي تتراوح بين 13 في المائة و52 في المائة من إجمالي القدرة المركّبة بحلول عام 2030.

ويلفت التقرير إلى أن الوقود النووي والأحفوري – والغاز الطبيعي بوجه خاص – سيبقى مكوّناً أساسياً في مزيج إمدادات الكهرباء في المستقبل المنظور، وذلك نظراً للطبيعة المتقطعة والموسمية التي تتسم بها مصادر الطاقة المتجددة، وعدم وجود حلول تخزين فعالة وبالحجم الكافي، بالإضافة إلى أن وتيرة انتشار الطاقة المتجددة غالباً ما تكون مرهونة بفاعلية السياسات وبرامج الدعم واللوائح التنظيمية ذات الصلة.

وأضاف أنه «على الرغم من أن كثيراً من دول المنطقة ما زالت تعتمد وبشكل كبير على الغاز الطبيعي كمصدر طاقة لتوليد الكهرباء (أكثر من 90 في المائة من مزيج توليد الكهرباء في مصر والإمارات والجزائر، وثلثي المزيج في السعودية)، فإن زيادة مصادر الطاقة المتجددة أدت إلى تقلص هذه الحصة في عدة دول، حيث انخفضت في مصر بنسبة 2 في المائة لصالح الطاقة الشمسية، و9 في المائة في الإمارات لصالح الطاقة الشمسية ومحطات الطاقة التي تعمل بالفحم ومحطات الطاقة النووية التي دخلت حيز التشغيل الجزئي مؤخراً».

وشهد المغرب انخفاضاً في حصة النفط والفحم في مزيج توليد الكهرباء بنسبة 2 في المائة و3 في المائة على التوالي لصالح الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة الكهرومائية، بينما انخفضت حصة الغاز الطبيعي في الأردن بنسبة 5 في المائة لصالح الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.

مصدرالشرق الأوسط
المادة السابقةالسائقون العموميون: لفتح اعتمادات المحروقات
المقالة القادمةالنفط يتخطى 51 دولاراً للبرميل وروسيا تستبعد استقرار الأسعار على المدى البعيد