الموازنة تستهدف الجيوب وتهمل النمو

 

يُجمع الخبراء الاقتصاديون على انّ مشروع الموازنة المطروح يخلو من أي رؤية اقتصادية للسنوات المقبلة، ولا يتعدّى كونه خطة محكومة بالفشل تهدف فقط الى شراء الوقت وتعميق الأزمة.

وسط مشهد الاضرابات والاعتصامات والاعتراضات المتصاعدة على مشروع قانون موازنة 2019 “التقشفية”، ورغم إقرار المسؤولين بوجود ازمة اقتصادية يجب مواجهتها من خلال الاصلاحات، إلا أن الواقع ومشروع الموازنة نفسه لا يُظهر أيّ بند اصلاحي بنيوي يساهم في تحفيز الاقتصاد ونموه، بل هي موازنة تقشفية مبنيّة على “شفط” الاموال من المواطنين، إن من خلال خفض الرواتب والاجور والتقديمات، أو عبر الرسوم والضرائب المفروضة إما على المصارف أو على الشركات والافراد.

في هذا الاطار، سأل الخبير الاقتصادي مروان اسكندر «ما هي السياسة التقشفية المعتمدة في هذه الموازنة؟ أين هو الاصلاح الحقيقي؟

وأكّد لـ”الجمهورية” عدم تأييده لمسعى التقشف على حساب المواطن، “لأنه يظهر “قصر نظر” الحكومة ونيّتها سحب الاموال من المواطنين لسنة اضافية تحسّباً لما قد تؤول اليه الاوضاع لاحقاً”. واشار الى ان السياسة التقشفية الحقيقية تكون عبر خفض مداخيل المواطنين في مقابل تحفيز النمو الاقتصادي. وسأل: كيف تنوي الحكومة تحفيز النمو؟ “لم يشرح لنا أحد لغاية اليوم ما هي الخطة الاقتصادية المقترحة لتحفيز النمو مقابل التخفيضات المطروحة والضرائب المفروضة”.

وأكد اسكندر “ان المسؤولين لا يَعون ان عدم اجراء اصلاح حقيقي في قطاع الكهرباء سيحرمهم من اموال “سيدر”، والدليل ان البنك الدولي شدّد مرارا وتكرارا انه لن يموّل اية مشاريع في لبنان في حال عدم اجراء اصلاح حقيقي”.

وفي ما يتعلّق برفع الضريبة على الفوائد المصرفية من 7 الى 10 في المئة، قال اسكندر انه عندما تم رفع الضريبة الى 7 في المئة عند اقرار سلسلة الرتب والرواتب، إنعدم نمو الودائع المصرفية في لبنان، وهو المحرّك الرئيس لتسليف القطاع الخاص، مشددا على ان رفع الضرائب اليوم الى 10 في المئة سيؤدي حتماً الى خروج الاموال من لبنان وبالتالي خفض حجم الودائع بنسبة 20 في المئة.

خوري

من جهته، قال الخبير الاقتصادي بيار خوري ان الموازنة المطروحة تفتقد لأي جوانب اصلاحية حقيقية باستثناء النيّة بالتقشف التي لا تعني بالضرورة الاصلاح. واوضح لـ”الجمهورية” ان التقشف قد يكون احد اشكال الاصلاح في الموازنة لكنه قد يؤثر في بعض جوانبه على الطلب الاجمالي بالاقتصاد، “وهذا مؤشر خطير، يعالج مشكلة معيّنة ويخلق مشكلة اخرى أخطر”.

واعتبر خوري ان مشروع الموازنة المطروح يخلو من الاصلاحات “وهو مشروع نقل نفقات من عام الى آخر واعادة توزيعها، وتأجيل بعض البنود وزيادة بنود اخرى ضمن الاعوام 2019، و2020 و2021. وهذا ليس اصلاحاً لأن المطلوب اليوم اكبر بكثير وهو تحديد دور الموازنة بالاقتصاد، وهو الامر الذي لم يأتِ أحد على ذكره”. وقال: نحن اليوم في مرحلة من مراحل تسخير الاقتصاد في سبيل الموازنة، وهذا خطير جدّاً.

واشار خوري الى ان التقشف الفعلي يبدأ لدى الفئات السياسية، “حيث ان هناك منظومة سياسية في البلد مؤلفة من القطاع العام والخاص، مسؤولة عن عجز الموازنة وليس سلسلة الرتب والرواتب”. أضاف: هذه الاجراءات ستخفض القدرة على الطلب وستخفف السيولة في البلد.

اما بالنسبة لرفع الضريبة على الفوائد المصرفية، قال خوري انه لا يمكن تحميل المودعين ضرائب مرتفعة من هذا النوع، فذلك سيؤدي الى هروب المودعين وخروج الاموال من لبنان.

وشرح ان رفع الضرائب على الفوائد، سيؤدي الى تراجع تحويلات المغتربين وسيضغط أيضا على ميزان المدفوعات.

بواسطةرنى سعرتي
مصدرجريدة الجمهورية
المادة السابقةتعليق الإضراب إنتظاراً “لموازنة متوازنة” غداً لا تُخفّض الرواتب
المقالة القادمةخطوات لإنقاذ البيانات من الهاتف المُعطّل