النزاع الحدودي البحري بين لبنان وسوريا يناهز الألف كيلومتر مربع

 

وضع لبنان مقترحاته لترسيم الحدود البحرية الجنوبية في عهدة الولايات المتحدة، تمهيداً لحل النزاع البحري مع إسرائيل، فيما يلوح نزاع حدودي بحري مع سوريا في شمال لبنان، لم تظهر أي مؤشرات على وضع آلية أو مقترحات لحله، رغم أن لبنان عرض البلوكات النفطية البحرية في الشمال للتلزيم ضمن دورة التراخيص الثانية التي أطلقها.

وأثمرت التوافقات بين المسؤولين اللبنانيين عن اقتراحات لحل مشكلة النزاع الحدودي البحري مع إسرائيل، وسلم الرئيس اللبناني ميشال عون السفيرة الأميركية في لبنان إليزابيث ريتشارد أمس، أفكاراً تتعلق بآلية عمل يمكن اعتمادها لترسيم الحدود البحرية الجنوبية.

وبعدها استقبل رئيس مجلس النواب نبيه بري السفيرة ريتشارد، وعرض معها الأوضاع في لبنان والمنطقة. وأكد بري موقف رئيس الجمهورية، وأن «الموقف موحد بين اللبنانيين حول ترسيم الحدود البحرية والمنطقة الاقتصادية الخاصة».

وفيما يتجه ملف المياه الاقتصادية الجنوبية إلى الحلحلة، بالنظر إلى أن الجانب الأميركي يدخل كوسيط و«مسهّل» في المفاوضات المزمع إقامتها تحت إشراف الأمم المتحدة، تطل مشكلة الحدود البحرية الشمالية لجهة النزاع الحدودي البحري مع سوريا، رغم أن هذه المناطق البحرية عُرضت أمام الشركات الأجنبية للاستثمار في استكشاف واستخراج النفط والغاز.

وقالت مصادر لبنانية مطّلعة على الملف لـ«الشرق الأوسط» إن النزاع الحدودي البحري بين لبنان وسوريا يناهز الألف كيلومتر مربع، مشيرةً إلى أن هذا النزاع «أكثر تعقيداً من النزاع على الحدود الجنوبية». وأضافت المصادر: «في الحدود الجنوبية، لبنان رسم خطاً حدودياً، ويصرّ عليه، بينما إسرائيل تدّعي أن هناك خطاً حدودياً بحرياً آخر، لكن في الشمال، أنجز اللبنانيون الخط الحدودي، بينما وضع السوريون خطاً حدودياً مبدئياً ينطلق من الشاطئ أفقياً نحو الغرب، وهو ما يعترض عليه لبنان، ما جعل الخلاف يصل إلى ألف كيلومتر مربع بحري تقريباً». وأكدت المصادر أن لبنان «طبق القانون الدولي والقواعد المعمول بها عالمياً لرسم حدودنا البحرية، وتم تطبيقها في الشمال والجنوب».

وصدر مرسوم تحديد المنطقة الاقتصادية الخالصة اللبنانية في عام 2011، وتضمّن لوائح إحداثيات النقاط الجغرافية لحدود هذه المنطقة من الجهات الثلاث: الجنوبية والغربية والشمالية.

وبموازاة تأكيد المصادر أنه «يبدو أننا سنتجه إلى نزاع»، أشارت إلى أنه «في ظل تلزيم عرض البلوكات البحرية الشمالية للتلزيم أمام الشركات الراغبة بالاستثمار فيها، لا يبدو أنه ستكون هناك حلول سوى بنقاشات ومفاوضات مع السوريين وفق آلية تطرحها الحكومة وتختار المناسب فيها». وقالت إنه «من غير الواضح حتى الآن كيف ستقارب الحكومة هذا الملف» الذي يثير مخاوف من أن ينسحب ما يحصل في ملف ترسيم الحدود البرية على الحدود البحرية الشمالية، ما يهدد فرص استثمار الشركات الأجنبية بالبلوكات البحرية اللبنانية.

لكن رئيس مؤسسة «جوستيسيا» الحقوقية الدكتور بول مرقص، أكد أن ترسيم الحدود ممكن، «لكنه يحتاج إلى اتفاق الأطراف المعنية حوله وتوقيع اتفاقية ثنائية وإيداعها الأمم المتحدة».

وقال مرقص لـ«الشرق الأوسط» إن ترسيم الحدود البرية والبحرية مترابط، حيث إن نقطة انطلاق الترسيم البحري هي من البرّ. ويبدأ بوضع ما يُسمّى خط الشاطئ، وهو النقطة الأرضية التي على أساسها يتم قياس الحدود البحرية، وانطلاقاً منها. وأضاف: «لا أعتقد أن هناك نزاعاً محتملاً»، مشيراً إلى أنه ليس من مصلحة أيٍّ من الدول إيجاد نزاع لأنه سيؤثر على مجمل التنقيب والاستثمار في المياه البحرية وسيعود بالضرر على كل الدول المعنية بالإقليم البحري»، مشيراً إلى أن هذا الأمر «مرتبط أيضاً بالدول الكبرى وليست الإقليمية فحسب، التي تمتلك مصالح كدول وشركات أجنبية تتحدر منها تعمل في المجال البحري الإقليمي».

وتؤكد مصادر لبنانية مواكبة للملفات العالقة بين لبنان وسوريا لـ«الشرق الأوسط» أن الحدود البحرية بين البلدين غير مرسمة، أسوةً بالحدود البرية التي تم العمل على ترسيمها في عام 1971، وعُقدت اجتماعات مكثفة، لكن الحرب في عام 1975 أنهت تلك الجهود التي كانت قد أنجزت القسم الأكبر من الحدود بين البلدين، وبقيت نقاط عالقة مرتبطة بالتداخل الحدودي، وتناهز العشرين نقطة، حالت دون استكمال ترسيم الحدود البرية نهائياً.

وقالت المصادر إنه بعد انتهاء الحرب اللبنانية لم تؤلَّف لجنة رسمية مشتركة لترسيم الحدود، ولم يُطرح بعد تشكيل لجنة لهذه الغاية، مشيرة إلى أن ترسيم الحدود البحرية وتحديد المنطقة الاقتصادية «يحتاجان إلى محادثات بين البلدين، وهذا الأمر ممكن إذا توفرت النية لتحديد المنطقة الحدودية البحرية».

وبادر لبنان إلى تشكيل لجنة أمنيّة سياسيّة بإشراف الوزير (حينها) جان أوغاسابيان، المكلّف متابعة البحث في الملفات بين البلدين، وزوّدت بالوثائق والخرائط، ومنها ما يتعلّق بالخرائط الجوية، وفيها مسح شامل للحدود بين البلدين، لكن دمشق لم تواكب اللجنة اللبنانية لترسيم الحدود، وقالت السلطات السورية إنها كانت مشغولة بترسيم الحدود مع الأردن.

بواسطةنذير رضا
مصدرجريدة الشرق الاوسط
المادة السابقةخفيض رواتب السلطة.. “من معه ومن وضدّه”؟
المقالة القادمةهل يكون الاتحاد العمالي على موعد مع تحركات اعتراضية جديدة؟