بطالة منطقة اليورو تتماسك عند أدنى مستوياتها المسجلة

بقيت معدلات البطالة في منطقة اليورو عند أدنى مستوياتها في يونيو (حزيران) الماضي مع بلوغها 6,6 بالمائة من مجموع السكان، حسبما أعلنت وكالة الإحصاء التابعة للاتحاد الأوروبي الاثنين. وتراجعت نسبة الباحثين عن وظيفة في منطقة العملة الواحدة، في مايو (أيار) إلى أدنى مستوياتها منذ شهر أبريل (نيسان) عام 1988، تاريخ بدء وكالة يوروستات في تسجيل هذه البيانات. ويعني بقاء المعدل مستقرا في يونيو أنه تراجع من 7,9 بالمائة مقارنة بالفترة نفسها العام الماضي، مع 12,93 مليون عاطل عن العمل في الاتحاد الأوروبي.

ويتراجع المعدل منذ ربيع 2021، بالتوازي مع انخفاضه في الاتحاد الأوروبي، حيث بلغ معدل البطالة 6 في المائة في شهر يونيو الماضي. وبلغ عدد العاطلين عن العمل في منطقة اليورو 10 ملايين و925 ألفا، بانخفاض بواقع مليون و957 ألفا مقارنة بالعام الماضي. وسجلت إسبانيا أعلى نسبة بطالة عند مستوى 12.6 في المائة، في حين سجلت ألمانيا أدنى نسبة عند مستوى 2.8 في المائة.

وفي دول الاتحاد الأوروبي البالغة 27 دولة، وبينها تلك التي لم تعتمد اليورو، بقي معدل البطالة في يونيو مستقرا عند 6,0 بالمائة. وارتفعت نسبة البطالة بين الشباب، أي الباحثين عن عمل دون 25 عاما، بشكل طفيف بين مايو ويونيو، مسجلة 13,6 بالمائة في كل من منطقة اليورو والاتحاد الأوروبي ككل.

لكن القلق يستمر أوروبيا حول الاقتصاد بشكل عام، خاصة في ألمانيا، أكبر اقتصاد أوروبي وقاطرة منطقة اليورو، والتي يبقى فيها نقص الموظفين المشكلة الأولى المطروحة على العديد من الشركات في بلد يعاني من شيخوخة سكانية، ولو أن تبعات الحرب في أوكرانيا تطغى عليه. وإلى مليون وظيفة شاغرة حاليا، قال مارسيل فراتشر رئيس معهد البحث الاقتصادي إن «ألمانيا ستحتاج إلى 500 ألف عامل إضافي كل سنة على مدى السنوات العشر المقبلة» مشيرا إلى أن ذلك يشكل «خطرا على قدرة البلاد التنافسية وازدهارها».

وبعد صدور أرقام تشير إلى توجه الاقتصاد الألماني نحو الركود خلال الفصل الثاني من السنة، يرى الخبراء أن المشكلة لا تقتصر على وضع ظرفي، بل إن النموذج الاقتصادي للقوة الاقتصادية الأولى في أوروبا هو الذي يتعثر.
وأوضح محللو مصرف آي إن جي أن «الحرب في أوكرانيا وضعت حدا للنموذج الاقتصادي الألماني كما كنّا نعرفه» القائم على حد قولهم على «واردات طاقة متدنية الكلفة وصادرات صناعية في عالم يزداد عولمة». ومع تدني كلفة إنتاجه ونقله، ساهم الغاز الروسي على مدى عقود في ازدهار الصناعة الألمانية التي تمثل 30 في المائة من استهلاك الغاز في البلد. وكان الغاز الروسي يمثل قبل الحرب في أوكرانيا أكثر من نصف الغاز المستورد إلى ألمانيا. وتدنت هذه الحصة الآن إلى 35 في المائة.

وفي سعيها للخروج تماما من اعتمادها على الغاز الروسي، وهو هدف حددت برلين لنفسها مهلة لتحقيقه في منتصف 2024، تعتزم ألمانيا اللجوء إلى مصادر طاقة أعلى كلفة، كالغاز النروجي أو الهولندي أو الغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة أو من قطر، أو أقل انتظاما مثل الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح. وكتبت صحيفة سودويتشه تسايتونغ في يوليو (تموز) الماضي، مبدية مخاوف أن «ألمانيا كدولة مصدرة تستفيد أكثر من سواها من التبادل الحر. لكن هذا تحديدا ما هو في خطر».

وكشف وباء كوفيد-19 والحرب في أوكرانيا مكامن الضعف في الاقتصادات حين تتعثر سلاسل الإمداد ولا يعود من الممكن استيراد مكوّنات أساسية مثل أشباه الموصلات. وعانت الصناعة الألمانية بصورة خاصة، ولا سيما قطاع السيارات.

ومع تراجع الإمدادات الروسية، أصبحت الصين الشريك التجاري الأول لألمانيا، غير أن الأمر يثير مخاوف برلين. وفي وقت ازدادت المبادلات بين البلدين بنسبة 15,1 بالمائة في 2021 بالمقارنة مع العام السابق، أقرّ وزير المال الليبرالي كريستيان ليندنر بأن الاعتماد على الصين «ليس أمرا صحيا كذلك».

واعتبرت الخبيرة الاقتصادية كلاوديا كيمفرت متحدثة لوكالة الصحافة الفرنسية أن «هذا قد يشكل خطرا جديدا»، موضحة أنه ليس بحجم الخطر الروسي «لكن علينا أن نستند أكثر إلى اقتصاد وطني ونعزز القدرة على الصمود».

مصدرالشرق الأوسط
المادة السابقةتراجع حاد في أسعار النفط قبل اجتماع «أوبك بلس»
المقالة القادمةنشاط المصانع الأميركية يتباطأ بوتيرة متواضعة.. واختناقات الإمدادات تنحسر