بعد عصرها الذهبي: محلات “وان دولار” الى الأفول.

بدأت ظاهرة محلات “وان دولار” بالأفول من أسواق صيدا، بعدما عاشت عصراً ذهبياً على مدى السنوات الماضية، إذ كانت خيار المواطنين للتوفير في شراء الكثير من احتياجاتهم الحياتية واليومية، وإن لم تكن من الماركات المشهورة او النوعية ذات الجودة العالية. اليوم تراجع الاقبال عليها نتيجة ارتباطها بسعر صرف الدولار في السوق السوداء على أصحابها والزبائن معاً.

قبل سنوات عدّة، غزت محلات “وان دولار” الأسواق في صيدا وكل لبنان، حتى وصلت الحال الى ان “بين محلّ وآخر.. محلّ”، والإقبال المتزايد عليها دفع بأصحابها الى رفع حالة التنافس بينهم، لجهة نوعية البضائع، وفي غالبيتها صينية او سورية، او أسعارها فأدخلوا اليها سلعاً مثل: الأحذية والسجاد والهدايا وألعاب الأطفال، فأصبحت تستهوي المتسوّقين من مختلف الأعمار لشراء كل قطعة منها بدولار واحد فقط (1500 ليرة لبنانية) مهما كان حجمها ووزنها ونوعيتها، قبل أن تنقلب الحال بعد الإنهيار الاقتصادي والمالي والضائقة المعيشية ويرتفع الدولار الاميركي ليلامس الـ 9 آلاف ليرة لبنانية.

ويقول جهاد الطقش، صاحب محلّ في “حي البرّاد” في المدينة، إنّ زلزالاً مدمّراً أصاب محلات “وان دولار” بعد ارتفاع الدولار الأميركي، مؤكّداً لـ”نداء الوطن” أنّ “حركة البيع تراجعت 80% عن السابق والسبب أسعار الدولار في السوق السوداء”، موضحاً أنّ “الناس كانت تدخل الى المحل وتأخذ كلّ ما تحتاج وما لا تحتاج وما تراه جيداً وجميلاً، امّا اليوم فلم تعد تشتري سوى الضروري جداً، وخصوصاً ما يتعلّق بمواد النظافة والتعقيم، كالمحارم والمكانس والمماسح وغيرها”، مؤكّداً أنّ “أصحاب هذه المحال أُصيبوا بكارثة، ومنهم من أفلس ومنهم من يصارع من أجل البقاء وعدم الإقفال.

والطقش نفسه، هو ربّ عائلة مؤلّفة من زوجة وثلاثة أولاد، يعاني من الضائقة المعيشية، يقسم بالله “اننا ننتظر كلّ النهار بعض الزبائن من أجل تأمين قوت اليوم، نعيش بالكفاف ولكن أفضل من مدّ اليد الى الغير، ندعو الله الى أن يرفع عنّا هذا البلاء والغلاء لأنّ المصير الذي ينتظرنا بات أسود قاتماً”. وفرضت تداعيات الأزمة المعيشية واندلاع الانتفاضة الشعبية ثم جائحة “كورونا” على اللبنانيين نمطاً جديداً في طريقة عيشهم، تخلّوا عن الكثير من العادات والتقاليد، وأُجبروا على الإكتفاء بالضروريات من دون الكماليات كي يتمكّنوا من العيش بكرامة، مع ازدياد إقفال المؤسسات والإفلاس وارتفاع نسبة البطالة والبحث عمّا يسدّ رمق جوعهم فقط.

وتقول تغريد الأسمر وهي أمّ لأربعة اولاد: “كنت اقصد محلّات “وان دولار” كي اشتري احتياجاتي بأسعار أقلّ بعيداً من التلاعب ولا سيّما البسة الأطفال ولوازم المطبخ اضافة الى مواد التنظيف، اليوم تغيرت المعادلة ولم أعد اشتري منها الا الضروري والأرخص من المحلات الاخرى، كلّ شيء تغيّر، فإذا اشتريت ثلاثة او اربعة اغراض أدفع اكثر من 25 الف ليرة لبنانية، انا بحاجة اليها لإعداد طبخة يومية”، مؤكّدة أنّ “محال “كلّ شيء بدولار” كانت ضرورة بسبب الأوضاع الإقتصادية الصعبة على المواطنين وباتت مقصداً لفئة كبيرة من اللبنانيين كما للنازحين السوريين، ومن الفقراء والأغنياء على حدّ سواء”.

مصدرمحمد دهشة - نداء الوطن
المادة السابقةالأسواق المالية اللبنانية تستجيب بخجل لتحريك الملف الحكومي
المقالة القادمةالمونة الشتوية “زوّادة” البقاعيين للأيام الصعبة القادمة