بيروت… شوارع مُظلمة ومشاريع مُعلّقة

حتى إشعار آخر، ستبقى أعمدة الإنارة في بيروت مطفأة ومشاريع الترميم معلقة والحفر تغزو الطرق. فلم تعد بلدية العاصمة التي تملك الموازنة الأكبر بين البلديات تجذب المتعهدين مع استمرار دفع تكاليف المشاريع بالليرة اللبنانية التي فقدت قيمتها. ويقول مسؤول في البلدية مفضّلاً عدم الكشف عن اسمه، لوكالة «فرانس برس»، «ما من متعهّد يريد العمل مع البلدية».

وأعلنت بلدية بيروت عن مناقصة لتلزيم مشروع صيانة إنارة شوارع بيروت وأنفاقها، لكن خلال اجتماعين عقدا الشهر الماضي لتلقي العروض، لم يحضر أحد. وتدين بلدية بيروت اليوم بـ27 مليار ليرة تراكمت على مرّ 15 عاماً لمصلحة مؤسسة كهرباء لبنان، وفق المسؤول في البلدية. وبالتالي، لم تعد التلزيمات مربحة وسط عدم القدرة على استيراد مواد أولية يحتاجها المتعهدون بالدولار، وعدم قدرة البلدية على الدفع إلا بالعملة المحلية. ويقول المسؤول: «إذا أردنا تلزيم مشاريع لهذا العام، بحسب سعر الصرف الذي يريده المقاولون، فلن تبقى أموال في الخزينة».

في مناطق تضررت من انفجار مرفأ بيروت في 4 آب، الذي تسبّب بمقتل أكثر من مئتي شخص وبدمار هائل في الأحياء القريبة، تبقى حركة الترميم بطيئة، في ظل أعمال يقوم بها بضعة متعهدين لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة. ولم تتمكّن البلدية التي وقعت عليها مهمة تلزيم مشاريع تدعيم البنى المتضررة، من إتمام المهمة.

في أحد شوارع منطقة الحمرا، يشهد تقاطع رئيسي بين الحين والآخر حادث سير، فيما إشارة السير مكسورة منذ أشهر، ونادراً ما تعمل. وكانت هيئة إدارة السير تستخدم مدخولها من عدادات مواقف السيارات في بيروت لتمويل صيانة إشارات السير ونفقاتها، فيما تحصل البلدية بالمبدأ على جزء من العائدات. وعن تراجع عدد المقاولين، يقول نقيب المهندسين جاد ثابت لـ»فرانس برس» إن السبب «بسيط جداً، وهو البلدية».

يضيف: «الشركات الخاصة بشكل عام لا تريد العمل مع أي مؤسسة رسمية لأن الالتزامات بالليرة، ولا أحد يريد أن يأخذ تلزيمات بهذه العملة»، مشيراً إلى مناقصات عدة أطلقتها وزارة الأشغال «من دون أن يتقدّم أحد». ويوضح: «لا يريد الناس الدخول في مشاريع خاسرة».

وتُعد بلدية بيروت أغنى بلديات لبنان، لكن يبقى اليوم من ميزانيتها حوالى 800 مليار ليرة، اي 64 مليون دولار فقط، بحسب سعر صرف السوق حالياً. وتبلغ نفقاتها الثابتة 300 مليار ليرة سنوياً تصرف على الراوتب وخدمات الاستشفاء للموظفين وخدمات تشغيلية وإدارة مشاريع وغيرها، فيما «تدنّت الواردات بشكل كبير». فمنذ انفجار المرفأ «لم تجن البلدية سوى مبلغ يترواح بين 70 ومئة مليار ليرة، بينما يفترض بها أن تجني من ضرائب ورخص بناء ورسوم أكثر من 300 مليار سنوياً»، وفق المسؤول، الذي يضيف انّ «العجز المالي يزداد». وعلى وقع الانهيار الاقتصادي المتمادي، خسرت البلدية أحد أبرز مصادر وارداتها: رخص قطاع البناء التي تراجعت بمعدلات قياسية.

مصدرجريدة الجمهورية
المادة السابقة«كابيتال كونترول»… بعد فوات الأوان؟
المقالة القادمةالبنك الدولي: 50 % من اللبنانيين تحت خط الفقر