تجار لبنان يستنجدون بالصين.. والسفارة تتدخل

استطاعت الصين مد جسورها الاقتصادية باتجاه كل دول العالم، بشكل يندر معه إيجاد بلدٍ ليس فيه منتجات صينية. كما أن هذا البلد القابع شرقي قارة آسيا، يحلم بإعادة إحياء طريق الحرير التي تعود تقريباً إلى عام  200 قبل الميلاد، والتي كانت تمر عبر قلب العالم القديم، حتى قيل بأن من يسيطر على طريق الحرير، يسيطر على العالم.
لبنان جزء من الدرب
لبنان ليس بعيداً عن طريق الحرير، فهو جغرافياً يقع في المنطقة التي يُقال عنها قلب العالم القديم، وبوابة الشرق. والصين مهتمة بتفعيل التعاون الاقتصادي مع لبنان، خصوصاً وأن حجم الاستيراد من الصين في العام 2018، بلغ حسب وزير الصناعة وائل أبو فاعور، “نحو2.48 مليار دولار، أي ما نسبته 10.25 في المئة من حجم الاستيراد، الذي بلغ قرابة عشرين مليار دولار”. وبهذه الأرقام، تحتل الصين “المرتبة الأولى في حجم تبادل لبنان التجاري مع الخارج”.

والتعاون الاقتصادي اللبناني الصيني لم يقف عند حدود الاستيراد، إذ أن الصين تنوي “التمسك بتطويرالعلاقات وزيادة فرص التعاون المشترك وتعزيز التعاون في البنى التحتية والتعاون في المجال السياحي والإفادة من مبادرة الحزام والطريق في هذا المجال”، وهو ما أكدته رئيسة المجلس الصيني لتعزيز التجارة الدولية غاو يان، أثناء إطلاق منتدى الاستثمار الصيني- اللبناني، في آذار الماضي. أمّا لبنان، فيحاول الاستفادة من الخبرات والإمكانيات الصينية، لإطلاق ورش تتعلق بتوسعة مطار بيروت وبناء خط سكة حديد، بالإضافة إلى إنشاء مجموعة من الجسور والأنفاق في أكثر من منطقة.

تركيز على البنى التحتية
تنظر الصين بعين الانتفاع من لبنان اقتصادياً، لكن تصويبها الأبرز يبقى نحو سوريا، وبذلك يكون لبنان منطقة اقتصادية آمنة للصين. ويزداد السعي الصيني لرفع مستوى التعاون مع لبنان، مع عزم لبنان إنشاء مدن صناعية جديدة تكون بمثابة حافز للشركات الصينية يدفعها للاستثمار في لبنان، وهو ما ارتكز عليه أبو فاعور في لقائه مع الملحقة الاقتصادية والتجارية في سفارة الصين في لبنان دنغ هوي، يوم الخميس 25 تموز. إذ أكد أبو فاعور على “أهمية مشاركة الصين في المشاريع التي نتطلع إلى المباشرة فيها مطلع العام المقبل”، مشجعاً أصحاب الشركات الصينية على الاستثمار في لبنان “عبر إقامة مصانع إنتاج لهم، واعتماد لبنان قاعدة لسوق الدول العربية ومنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تعزيزاً لطريق الحرير التي يعاد تفعيلها ويعتبر لبنان في صلبها”.

ولأن المدن الصناعية تحتاج إلى بنى تحتية لائقة، تتطلع الصين إلى مساعدة لبنان على إنشاء تلك البنى. وكان بحث مشاركة المؤسسات الصينية في مشروع تمويل وتأهيل البنى التحتية في المناطق الصناعية الجديدة المنوي إقامتها، جوهر اللقاء اللبناني الصيني.

حقيقة رسم الإستيراد
في حين تؤكد مصادر اقتصادية في السفارة الصينية لـ”المدن”، أن اللقاء مع أبو فاعور تطرّق فقط إلى التعاون بين البلدين حول مشاريع البنى التحتية، يكشف رئيس لجنة التجارة في غرفة بيروت وجبل لبنان، جاك الحكيّم، أن الاجتماع بين أبو فاعور والجانب الصيني تطرّق إلى موضوع الرسوم على الاستيراد التي أقرت في موازنة العام 2019.

وفي حديث لـ”المدن”، يشير الحكيّم إلى أن “التجار اللبنانيين الذين يستوردون من الصين، في مختلف القطاعات، يطلبون اليوم من المصانع الصينية مساعدتهم لتخفيض الأسعار حتى يستطيعوا دفع الرسوم في لبنان من دون رفع فاتورتهم كثيراً”. ويضيف الحكيّم، أن “السفارة الصينية تلقّفت مطالب اللبنانيين المنقولة عبر المصانع الصينية، وتحاول إيجاد حل بالتعاون مع وزارة الصناعة والهيئات الاقتصادية اللبنانية، ولترى حجم انعكاس فرض الرسوم على المصانع الصينية”، لأن رفع كلفة الاستيراد على التجار اللبنانيين قد يؤدي إلى تخفيض نسبة الطلب من المصانع الصينية، وبالتالي ينعكس تطبيق الرسم على المصانع الصينية.

وبنظر حكيّم، الخطوة الصينية تأتي كمساعدة للتجار اللبنانيين، على عكس ما تقوم به دولتنا لجهة فرض ضرائب غير مدروسة، بحجة حماية الصناعة اللبنانية، والتي يمكن حمايتها بوسائل وطرق غير فرض الرسوم على الاستيراد لأنها تضر التجّار.

المواطن هو الخاسر
سواء اقتصر اللقاء اللبناني الصيني على متابعة مشاريع البنى التحتية، أو تعداها إلى مسألة الرسوم على الاستيراد، فإن المتضرر الأكبر في ظل أزمة النظام الحالي، هو المواطن اللبناني، الذي يدفع ثمن الضرائب المفروضة على كل القطاعات، ويدفع ثمن تنفيذ المشاريع بالتراضي السياسي. فمشاريع البنى التحتية المرتبطة بالمناطق الصناعية، ستكون حسب العرف التحاصصي اللبناني، مادة جديدة للسجال بين أهل السلطة، تمهيداً للاتفاق على توزيع المكاسب قبل إنشاء المشاريع. أما تبعات الرسوم على السلع المستوردة، فستنعكس ارتفاعاً في الأسعار، حتى وإن توصّل التجار إلى اتفاق مع المصانع الصينية على خفض الأكلاف، فليس هناك ما يمنع رفع الأسعار بحجة الرسوم، بغض النظر عن كلفة شراء التجار للمنتجات من الصين. وما يشجع ذلك، هو عدم خضوع السوق اللبناني للقاعدة الرأسمالية، التي تقول بأن المنافسة تخفض الأسعار وأن السوق يعيد تنظيم نفسه. فالسوق اللبناني خاضع لقاعدة الاحتكار وغياب الرقابة، فقط لا غير.

بواسطةخضر حسان
مصدرالمدن
المادة السابقةألصقا على جسمهما 9 كلغ من الذهب لمحاولة إدخالها إلى لبنان
المقالة القادمةوزير الصناعة يكشف عن الواقع الصادم لمحال المياه!