تسارع زخم الابتكار يعيد رسم مراكز التكنولوجيا الناشئة

رصد محللو قطاع التكنولوجيا على نحو غير متوقع أن تسارع زخم الابتكار في الكثير من مناطق العالم بات يعيد رسم خارطة انتشار مراكز التقنيات الناشئة وتموقعها.

وخلصت نتائج دراسة لتكستارز، وهي أحد أكبر المستثمرين في جولات التمويل الأولي في العالم، حول وضع الابتكار في المنظومة العالمية للشركات الناشئة في المراحل المبكرة، إلى أن بريق وادي السيليكون الأميركي يتراجع أمام أماكن أخرى.

وتضمنت الدراسة معلومات معمّقة تستند إلى إجابات الدراسة الاستقصائية التي شملت أكثر من 1600 من رواد الأعمال الحاليين والسابقين والطموحين ومستثمري رأس المال الاستثماري حول نظرتهم إلى الابتكار في بيئاتهم المحليّة وحول العالم.

وكشف البحث أنه بينما يواصل رواد الأعمال والمستثمرون الرأسماليون الذين شملتهم الدراسة اعتبار وادي السيليكون المركز العالمي الأكثر ابتكارا اليوم، إلا أنه يتوقّع انحسار تأثيره خلال الأعوام الخمسة المقبلة.

وعندما طُلب منهم اختيار خمسة مراكز، اختار نحو ثلثي المستطلعين وادي السيليكون بصفته المركز الأكثر ابتكارا حاليا. ومع ذلك، عند سؤالهم عن المراكز التي ستكون الأكثر ابتكارا في غضون خمسة أعوام، تراجعت النسبة إلى أقل من النصف.

وقالت ماييل غافيت، الرئيس التنفيذي في تكستارز، إن “نتائج دراستنا الاستقصائية على خلفية التقلبات المستمرة للسوق، تعكس التحول بعيدا عن هيمنة الولايات المتحدة التقليدية على مجال الابتكار نحو عصر متعدد الأقطاب”.

وأضافت “ستزدهر ريادة الأعمال التكنولوجية على مستوى العالم وهو اتجاه تؤكده قناعة المشاركين في الدراسة بأن أفريقيا ستتخطى أوروبا الغربية هذا العام، من خلال تأسيس المزيد من الشركات الناشئة”.

وأكدت غافيت أن مع قدرة المستثمرين في الوقت الراهن على توفير تدفق الصفقات حول العالم وتأسيس رواد الأعمال لأعمال عالمية من أي مكان، فمن غير المستغرب أن “نشهد تراجعا في فاعلية مركز تكنولوجي واحد، مثل وادي السيليكون. وتؤكد نتائج دراستنا أن المواهب الريادية البارزة تزدهر في جميع أنحاء العالم، كما أن الابتكار يتطلب دعم منظومة بأكملها”.

ويعتبر أغلب رواد الأعمال والمستثمرين الرأسماليين الذين شملتهم الدراسة أنّ منطقة آسيا والمحيط الهادئ هي المنطقة الأكثر ابتكارا خارج الولايات المتحدة، ما يشير إلى أن هذه المنطقة قد تتحدى الهيمنة التاريخية للأميركيين في وقت لاحق.

ويتوقع نصف روّاد الأعمال والمستثمرين الرأسماليين الذين شملتهم الدراسة أن بعد خمسة أعوام من الآن، ستكون كلّ من التكنولوجيا الصحية والاستدامة المجالين الأكثر ابتكارا.

ويقول محللون إن هذا يدل على الطريقة التي يتابع بها المؤسسون بشكل متزايد العديد من أكبر التحديات التي تواجه العصر الحالي، بدءا من الصحة وطول العمر وصولا إلى تغير المناخ والمرونة الغذائية.

ويعتقد ربع المستطلعين فقط أن المستثمرين الرأسماليين والمستثمرين الملّاكين سيقودون عمليات الابتكار طيلة الأعوام الخمسة المقبلة، مع عدم ظهور قوة أو تأثير واحد، مثل الحكومات أو الشركات، كعامل مهيمن.

وحافظت الشركات على خصوصيتها لمدّة طويلة، وتؤكّد الدراسة هذا الاتجاه، حيث قال أكثر من ربع رواد الأعمال إن هدفهم طويل الأجل يتمثّل في البقاء مستقلين والمحافظة على خصوصيتهم.

وبالمقارنة، يسعى 16 في المئة فقط منهم إلى القيام بعمليات طرح أولي للاكتتاب العام، فيما يسعى 7 في المئة منهم إلى أن يتم الاستحواذ عليهم من قبل شركة أسهم خاصة.

وقالت غافيت إن “بالنظر إلى المستقبل، نتوقع أن تشكل القوى المتنافسة معالم سوق الابتكار في الأشهر المقبلة”.

وأوضحت أن انهيار سيليكون فالي بنك، وما تلاه من تداعيات، أدى إلى تضييق الخناق على بيئة جمع الأموال الضيقة أساسا. وعليه، قد يشكل ذلك نهاية الطريق لبعض المؤسسين غير القادرين على جمع الأموال أو زيادة ديون المشاريع ببساطة.

وخلافا لذلك، فإن موجة تسريح العمال عبر قطاع التكنولوجيا ستساعد في خلق طفرة في ابتكارات المرحلة المبكرة، بالتزامن مع تحوّل عدد كبير من العمّال المسرّحين إلى روّاد أعمال.

ويرجح خبراء أن يشهد القطاع موجة متزايدة من المتقدمين للبرامج المبتكرة، حيث يتعاملون مع بعض أكبر التحديات في مجالات مثل التكنولوجيا الصحية والاستدامة ومرونة الإمداد الغذائي.

مصدرالعرب اللندنية
المادة السابقةأوروبا تحاول تقليل انكشافها على الاقتصاد الصيني
المقالة القادمةالدولار تحت الضغط مع تسعير الغاز باليوان الصيني