زل كلام المتحدث باسم صندوق النقد الدولي جيري رايس في شأن قانون الكابيتال كونترول، والتعميم 158 للبدء في إعادة الودائع، كالصاعقة على رؤوس الذين كانوا يروّجون للمشروعين، ويحاولون تصنيفهما في خانة الانجازات.
لكن ما أعلنه صندوق النقد يحتاج الى توضيحات لئلّا يُفهم على غير مقصده. إذ سارع كثيرون الى التساؤل كيف يعقل ان يعارض صندوق النقد مشروع الكابيتال كونترول، وهو مَن يضع هذا المشروع كشرط إلزامي قبل إقرار اية خطة إنقاذ يساهم في تمويلها؟
في الواقع، لا يعكس موقف الصندوق معارضة بالمطلق للكابيتال كونترول، بل يعبّر عن مشكلة تتعلق بالتوقيت، والتعامل مع الوقائع كما هي. ويدرك القيّمون على الصندوق الوقائع التالية:
اولاً – انّ الاموال التي كان يُفترض حجزها في بداية الأزمة، والتي كان سيتم استخدامها لتنظيم السحوبات، وتأمين استمرارية بعض القطاعات الاقتصادية، وضمان التحويلات الضرورية لدرء الأضرار الجسيمة، خرجت في غالبيتها من لبنان.
ثانياً – انّ إقرار قانون للكابيتال كونترول لا يمكن تطبيقه بسبب عدم توفر القدرة على ذلك، يعقّد الوضع اكثر مما هو معقّد.
ثالثاً – انّ الاستثناءات والتسابق بين مجلس النواب، أو شريحة منه، ومصرف لبنان على إرضاء المودعين الصغار والمتوسطين، لا يعكس حرفية (professionalism) وموضوعية في مقاربة أزمة بحجم الأزمة التي انخرط فيها الاقتصاد اللبناني.
وبالتالي، من يريد التفسير الواقعي لِما جرى، عليه ان يأخذ في الاعتبار انّ صندوق النقد لا يرى ان التوقيت مناسب لإجراءات تساهم في تسريع إنفاق الاموال المتبقية في البلد (إحتياطي مصرف لبنان، ودائع مُحرّرة للمصارف لدى المصارف المراسلة)، بذريعة ضبط الرساميل واعادة الودائع الى اصحابها.
هنا تنبغي الاشارة الى انّ صندوق النقد يميل استناداً الى معاييره الى تشجيع الاقتطاعات الكبيرة من الودائع (Haircut)، لأنه يعتبر انها الطريقة الأسلم والأسرع لإنجاح خطط التعافي والوقوف مجدداً.