تعميم جديد يهزّ الثقة بقناتَي تحويل الأموال إلى لبنان | سلامة يُقرّر: أنا «السوق» والمصارف «صرّافون»

أتى حاكم البنك المركزي، رياض سلامة ليهزّ الثقة بهاتين القناتين الرئيسيتين اللتين تؤمنان دخول العملة الصعبة إلى لبنان. هو يُدرك أنّ أي قرار يتخذه سيؤدّي مباشرةً إلى تراجع التحويلات، ولن تقدر على تعويضها «تحويلات الشنطة» لأنّها أكثر كلفة وغير مُتاحة بشكل سهل لجميع زبائن شركات التحويل أو حسابات «الفريش» الصغيرة والمتوسطة.

لا توافق المؤسسات المالية غير المصرفية على ذلك، بل تعتقد أنّه سيكون للقرار لو اعتُمد تبعات سلبية كبيرة على التحويلات. ومن المتوقع «أن نعقد اجتماعاً مع سلامة اليوم أو غداً لنشرح له الوضع، ونُقدّم له الأرقام حول كمية التحويلات، ونسبة انخفاضها في حال تقرّر أن يُدفع نصفها بالليرة”. اللافت بالنسبة إلى مصادر المؤسسات المالية «الحرص على حماية دولارات المودعين في حساب التوظيفات الإلزامية، مُقابل استسهال الاستحواذ على دولارات العائلات الفقيرة والمتوسطة، ولا سيما أنّ نصف التحويلات تقلّ قيمتها عن 300 دولار، وهناك العديد من العمليات لحوالات أقل من 50 دولاراً». بعد تواصل المؤسسات المالية مع سلامة، جُمّد إصدار القرار، أما في حال «أصرّ على إصداره، فهذا دليلٌ إضافي على عدم وجود 14 مليار دولار في حساب التوظيفات الإلزامية، لذلك يسعى إلى جمعها من مصادر أخرى ليتمكّن من فتح اعتمادات للاستيراد، وإكمال ولايته قبل أن يُسلّم الخزنة فارغة لخلفه».

التعميم المُتعلّق بشركات التحويل قيد المشاورات، فيما دخل التعميم الرقم 159 حيّز التنفيذ. المادة الأولى منه تُحظر على المصارف احتساب الأموال التي تتلقاها نقداً بالعملات الأجنبية بما يفوق قيمتها، وتُستثنى تلك المُستخدمة لتسديد نهائي لدين مُتوجّب على عميل، «على أن يتم إعلام لجنة الرقابة على المصارف بهذه التسوية». فمنذ نيسان 2020، بدأت المصارف تسويق مُنتج مضاعفة وديعة الدولار بنسبة تتجاوز الضعفين (بين 2.1 و2.5 مرّة)، ما يعني أنها دفعت فوائد فورية، في السجلات لا نقداً، بـ 150%. حين يأتي زبون إلى المصرف حاملاً مليون دولار «كاش»، كان يُفتح له حساب بمليونين و100 ألف دولار. تأخذ المصارف الدولارات وتدفع للزبون قيمة الوديعة على أساس سعر الدولار الرسمي، 1507.5 ليرة.

ما المادة الثانية من التعميم فهي منع المصارف من المتاجرة بالشيكات أو شراء الدولارات من السوق، والسماح لها بشرائها من حسابات المودعين «الفريش» بحسب «سعر السوق» على أن تُسجّل على منصة صيرفة. صحيح أن التعميم الجديد لا يُلغي تعميماً سابقاً لسلامة يمنع فيه تقييد حسابات الـ«فريش دولار»، إلا أن مجرّد إعطاء المصارف حق شراء الدولارات من هذه الحسابات بثّ الذعر في السوق من أن يمنح القرار البنوكَ ذريعةً للاستيلاء على دولارات الزبائن.

حسناً، لكي تشتري المصارف دولارات المودعين، فهي بحاجة إلى الليرة، والقطاع يُعاني نقصاً في السيولة بالليرة، فمن أين ستحصل عليها؟ يُراهن سلامة على رفع أسعار الاستيراد، والطلب من المستوردين الدفع بالليرة لفتح اعتماد بالدولار، ليُعيد إقراض هذه الليرات للمصارف. يعني ذلك «ضخ عملة أكبر في السوق وزيادة الكتلة النقدية. فالدَّين هو أيضاً طبع عملة».

مصدرجريدة الأخبار - ليا القزي
المادة السابقةعمليات تهرب جمركي «لا يمكن إحصاؤها»: توقيف جميع موظفي المركز الآلي
المقالة القادمة«سيتي كومبلكس» على طريق الإغلاق… «فتّش عن المازوت»