تفاؤل مفاجئ في التفاوض مع صندوق النقد.. وتسهيل أميركي

قطع الوفد الذي يترأسه المدير التنفيذي لصندوق النقد الدولي، محمود محيي الدين، مسافة لا بأس بها في سبيل تحضير الأرضية المناسبة، لتقديم الصندوق مساعدته الفنية للبنان، في إطار حلحلة أزمته. فقد التمس الوفد جديّة لم يجدها لدى حكومة حسان دياب. فضلاً عن التساهل الأميركي الذي يعزّز إمكانية الوصول إلى حل أسرع.

حتاج الوفد إلى “بضعة أسابيع”، لإصدار توصيات رسمية ووضع تقرير حول جولاته وما رآه وما يوصي به. واستناداً إلى التقرير، سينتقل صندوق النقد إلى المرحلة التالية، وهي “إرسال الوفد المخصص لبحث برنامج المساعدة الفنية”، وفق ما تقوله مصادر مطّلعة على أجواء الوفد. وتسريع الخطوات يرتبط في بعض أجزائه بمدى الارتياح الذي تعكسه الحكومة اللبنانية والسلطة السياسية.

وما يزيد الارتياح حتى الآن، هو ما قاله المتحدث باسم صندوق النقد الدولي، جيري رايس، إذ أعلن أن “المناقشات الفنية التحضيرية مع الصندوق قد بدأت. ومن الواضح أن هناك حاجة إلى سياسات وإصلاحات قوية لتسوية الأزمة الاقتصادية والاجتماعية غير المسبوقة التي يواجهها لبنان”.

يراهن محيي الدين والصندوق من خلفه على “تغيُّر الآلية التي تُدار بها الأمور بين حكومة حسان دياب وحكومة نجيب ميقاتي”. وتفسّر المصادر، بأن “نحو 17 جولة قام بها الصندوق، لم تسفر عن تقارب في الأرقام والحسابات التي قدّمتها الحكومة والوزارات ومصرف لبنان، على عكس ما يحصل مع حكومة ميقاتي، إذ تصبح الأرقام متقاربة وتتفق الحكومة ومصرف لبنان حول بعضها”.

وبالتوازي، تكسب الحكومة ورقة إضافية داعمة لملفّها، وهي السعي الأميركي لإنهاء التفاوض على أحسن وجه. “وتقوم الولايات المتحدة الأميركية بشرح الوضع اللبناني لإسرائيل، رغبة منها في تهدئة الموقف الإسرائيلي حول ملف الغاز مع لبنان. فبالنسبة للأميركي، يحتاج لبنان إلى الهدوء للخروج من الأزمة. ودليل الجدية الأميركية، هو الاستمرار في دعم الحكومة رغم ما حصل بين لبنان والدول العربية”.

ومع ذلك، يعتبر وفد الصندوق أن هناك الكثير أمام لبنان للقيام به، على مستوى الملفات التي تحتاج المساعدة، وأهمّها الطاقة والمصارف وسعر صرف العملة، وهي تشكّل الملاحظات الداخلية التي على لبنان القيام بها، لاستقبال مساعدة الصندوق. على مستوى الوزارات، تقول المصادر أن الوفد “لم يكن معجباً بأداء وزارتيّ الطاقة والاقتصاد، لكن ما جعل هذا الموقف غير أساسي، هو وجود نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي ووزير المالية يوسف خليل ضمن الفريق اللبناني الذي يتواصل مع الصندوق”. وحازت وزارة الطاقة على حصة وازنة من الانتقادات لجهة المشاريع الفاشلة التي نُفِّذَت على مدى سنوات، وتحديداً الإتيان ببواخر الطاقة. وفي هذا الجانب، “يدعم وفد الصندوق توصّل لبنان إلى اتفاق لاحق مع البنك الدولي لتمويل تأهيل أو بناء معامل طاقة بمعدات جديدة وكلفة زهيدة أقل مما دُفِعَ على البواخر”.

على مستوى المصارف، مازال الأمل بإعادة أموال المودعين قائماً. ويرى الصندوق بأن حكومة ميقاتي قادرة على الوصول إلى نتائج إيجابية على عكس حكومة دياب. وهذه الإيجابية تنسحب كذلك على ملف إعادة هيكلة القطاع المصرفي. والإيجابية عينها تطال معالجة تعدد أسعار الصرف. وإحدى منطلقات العلاج، هي “تقليص أسعار الصرف إلى سعرين كحد أقصى، سعر رسمي مرن قابل للتعديل وسعر السوق، فيما الهامش بينهما متقارب، ويعمل المصرف المركزي على ضمان التقارب وصولاً إلى توحيد السعر”. وتتماشى هذه الخطوات مع ضرورة إيجاد حلّ لتضخّم القطاع العام، إذ “لا يمكن وضع موازنة عامة في ظل وجود نحو 300 ألف موظف في القطاع العام الذي يحصد إنتاجية صفر”.

مصدرالمدن
المادة السابقةصانعو السيارات في أوروبا: أزمة المغنيسيوم لا تشكل خطرًا على الإنتاج
المقالة القادمةتراجع واردات مرفأ بيروت 15 في المئة