لم تكن معركة التدقيق الجنائي في مصرف لبنان التي فازت شركة الفاريز اند مارسال بها بالسهلة، فبعد مضي أكثر من عامين على البدء بها وصولا الى إبلاغ الشركة أنها سلمت وزير المال يوسف خليل نسخة عن التقرير، ومن ثمّ رفض الأخير الكشف عنها بحجة أن في العقد ما يمنع نشرها كان مجرّد محاولة لعدم الإظهار المخالفات المرتكبة في مصرف لبنان منذ حوالي 30 سنة.
تزامن إرسال وزير المال يوسف خليل نص التدقيق الجنائي الى رئاسة الحكومة مع ورود خبر إصدار الخزانة الاميركيّة وضع عقوبات على كلّ من حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة، نجله ندي سلامة وشقيقه رجا سلامة ومساعدته ماريان الحويك وأخيرا آنّا كوزاكوفا. فجاءت العقوبات لتؤكّد على كل الانتهاكات التي قام فيها سلامة في مصرف لبنان طيلة الفترة السابقة.
وبالعودة الى نصّ التدقيق الجنائي الذي يتألّف من 332 صفحة، يتبيّن بشكل واضح كميّة المخالفات المرتكبة في هذا المرفق العام المسؤول عن إدارة النقد في البلاد. وهنا يشرح الخبير الاقتصادي ميشال فياض عبر “النشرة” أن تدقيق التقرير يغطي تدقيق المحاسبة الجنائية من 2015 إلى أوائل 2020 هذا اضافة الى أنه يؤفّر وثائق، ولا يتم احتساب جميع الخسائر خلال هذه الفترة الزمنية المحددة”.
بالعودة الى النصّ الذي نشر حول التدقيق من الواضح أن الميزانيّة العمومية التي فيه لا تعكس الواقع. ويلفت فياض الى أن “بيان الدخل بحسب ما ورد في التقرير ليس صحيحاً والهدف من هذا الامر هو إظهار ارباح قدرها 40 مليون دولار في السنة اضافة الى ان مصرف لبنان استخدم معايير محاسبيّة غير تقليدية لإعداد بياناته المالية، وخاصة لزيادة ربحيته المزعومة ولكن على عكس البنوك المركزية الأخرى، فعل ذلك دون أيّ شفافيّة وإخفاء الكثير من المعلومات، أبعد من ذلك فانّ الشيء الوحيد الذي فعله مصرف لبنان هو الرجوع إلى دليله المحاسبي المعتمد من المجلس المركزي والمعدّل عدة مرات بين عامي 2016 و2018″، لافتا الى أن “التقرير كشف أنه كان لدى مصرف لبنان فائضا بالعملات الاجنبية بقيمة 7.2 مليار دولار نهاية عام 2015 الا ان الامر انقلب الى عجز 50.7 مليار دولار نهاية عام 2020”.