تلاعُب الدولار يُهدّد “الأمن الغذائي”

في المجمل تمكّنَ القطاع الزراعي في سنة 2020 من تخطي الأزمة المالية، وحافظت بعض المنتجات الزراعية كالبطاطا والبندورة والخيار والموز والتفاح على إستقرارها بشكل ملحوظ مقارنةً مع العام 2019. ولكن لم يصمد هذا الإستقرار في وجه انهيار الإنتاج المحلي واستمرار إرتفاع سعر الصرف صعوداً، فانفجرت أسعار المواد الغذائية في الأشهر الأربعة من سنة 2021، وارتفعت أسعار الكثير من الخضروات والفواكه بنسبة تزيد عن 350%. فعلى سبيل المثال، إرتفع معدل سعر كيلو الخيار من 1800 ليرة في نيسان 2020 إلى 5500 ليرة في نيسان 2021، وكذلك البطاطا من 1600 ليرة إلى 4700 ليرة، والتفاح من 2800 ليرة إلى 8000 ليرة، والموز من 2000 ليرة إلى 6000 ليرة. فتدنت قدرة الإستهلاك الداخلي وتعزز التصدير على حساب الإستهلاك المحلي والمواطن اللبناني.

يشير عضو نقابة مستوردي ومصدّري الخضار والفاكهة وتجمع مزارعي وفلاحي البقاع وجيه عموري الى عدة عوامل تعيق عمل القطاع الزراعي في لبنان وهي:

• عدم تطبيق “قانون المزارعة” في لبنان كسائر الدول، إذ ما من تعريف قانوني لمهنة المزارع. فهذا القانون من شأنه أن ينظم عمل اليد العاملة في هذا القطاع ويؤمن للمزارعين الحماية الإجتماعية، ويسهل الحصول على الأدوية والبذور المدعومة.

• غياب تنظيم الأراضي، بحيث أن معظم ملكيات الأراضي تعود لشخصيات سياسية نافذة، أما المزارعون اللبنانيون فلا يملكون الأراضي، وهم إما يعملون لدى مالكي الأراضي، وإما يستأجرون الأراضي لزراعة محاصيل موسمية، ما يهدد الإستمرارية في هذا المجال.

• غياب تمويل الزراعة من قبل المؤسسات المالية التي لم تعد تهتم بإقراض المزارعين.

• غياب القدرة على ضبط عمليات الإحتكار والتهريب والفساد، وخاصة تهريب المواد والأسمدة والأدوية والبذور المدعومة والتي أصبحت أسعارها باهظة جداً

• إرتفاع أسعار المحروقات واليد العاملة الزراعية.

• صعوبة تصريف الإنتاج، بحيث نفتقد لأدوات تطوير المنتجات الزراعية المحلية، وتحسينها لتصبح جاهزة للتصدير وقادرة على منافسة الأسواق العالمية.

• وآخر المعوقات القرار الذي اتخذته المملكة العربية السعودية بحظر الإستيراد من لبنان لوقف تهريب المخدرات الى الخارج.

“يقع المزارع اللبناني ضحية إرتفاع سعر الدولار”، يقول رئيس تجمع مزارعي وفلاحي البقاع ابراهيم الترشيشي، “فمن جهة لا يملك هذا المزارع الرأسمال الكافي للتوسع بالزراعة، بعدما أصبحت معظم الخدمات الزراعية والمشتريات كالبذور والأدوية والأسمدة مستوردة بالدولار الكاش، والتي تصل أحياناً الى 50 و 80% حسب نوعية الإنتاج، وبعدما توقفت المصارف عن إقراض ودعم المزارع من جهة أخرى”. ويضيف الترشيشي أن “المزارع اللبناني يقع ضحية الفساد.

قد يؤدي تطوير القطاع الزراعي وإعادة النظر في تحسينه وتعديل آليات الدعم الى المساهمة في تحقيق سياسة الأمن الغذائي والحد من الفقر والجوع من جهة، وامتصاص البطالة وتحقيق النمو الاقتصادي من جهة أخرى. فمن هنا تظهر أهمية دور الدولة في المحافظة على هذا القطاع ومساندته وحمايته، إضافة الى تطوير التعاون مع وزارة الزراعة.

 

مصدرنداء الوطن - جويل الفغالي
المادة السابقةالجهات المانحة تموّل قرطاسية امتحانات الشهادات الثانوية
المقالة القادمةشركة “كارباورشيب” التركية توقف إمدادات الكهرباء للبنان