توزيع الخسائر بعدالة… خرافة!

تتباين وجهات النظر حول المعادلة التي ستعتمد في توزيع خسائر النظام المالي او سدّ فجوته البالغة 69 مليار دولار، ومَن الجهات التي ستتحمّلها. المودع وفق ما تتضمنه مسودّة الخطة الحكومية التي لم تنجز بعد، ستكون له حصّة في تحمّل تلك الخسائر التي “لا ناقة له فيها ولا جمل”، الى جانب الدولة ومصرف لبنان والمصارف. والعناوين العريضة لتحميل المودع هذا العبء تكمن في شطب فوائد تراكمت في الحسابات الكبيرة الى جانب ما يحكى عن “ليلرة” ودائع بالعملات الأجنبية، واستبدال جزء من الودائع من خلال أسهم لكبار المودعين. وتطرح مسألة بيع الدولة لأصولها.

إعتبر وزير الإقتصاد الأسبق سامي حداد أن القاعدة التي يجب اعتمادها في توزيع الخسائر بشكل عادل، تقوم على تحميل الحصة الأكبر لكبار المودعين، ورفض تحميل صغار المودعين أية خسارة. لكن من سيدرج ضمن لائحة الصغار: حسابات 100 ألف دولار وما دون او 50 ألفا وما دون. فلهؤلاء يقول حداد “لا بد من استعادة كل أموالهم خلال فترة لا تتعدّى 5 سنوات”.

أما بالنسبة الى مسأله شطب الفوائد، فاعتبر الأمر “مضيعة للوقت وصعباً للغاية وغير عادل”. فهناك أصحاب حسابات غير لبنانيين أو مغتربين في الخارج او حتى منهم من توفي أو مودع أقفل حسابه. فكيف سيتمّ الشطب او الاستعادة؟

وبالنسبة لرسملة المصارف يعتبر حداد أنه “لا يمكن إجبار صاحب مصرف، في وضعنا الراهن، على ضخّ أموال في مصرف خسر فيه كل أمواله. أما أصحاب المصارف وكبار المودعين الذين هرّبوا أموالهم الى الخارج، “فمن الجائز إتخاذ تدابير بحقهم بسبب فعلهم غير المحقّ وغير العادل”. ويضيف عن استرداد الاموال: انها “قصة كبيرة”، لأن القانون فوق الجميع وتغييره مع مفعول رجعي “أمر صعب”. لكن الاستعادة وضخّ اموال طازجة وإدخال مصارف جديدة الى السوق..أمور أساسية”.

عن بيع أصول الدولة أو استثمارها وتخصيصها، يقول حداد “كان ذلك مطروحاً في مؤتمر باريس 3 يوم كنت وزيراً، لو تمّت وقتها الموافقة على خصخصة قطاع الإتصالات بـ7 مليارات دولار وتسديد 40% من الدين العام، لكان القطاع اليوم بحال أفضل”. من هنا وبما أن الدولة اليوم “مضروبة”، لا بدّ للقطاع الخاص أن يحلّ مكانها، فتنشط المنافسة ويتحسّن مردود القطاع “المخصخص” وتطرح أسهمه في البورصة”.

الخبير الإقتصادي لويس حبيقة اعتبر أنه “لا توجد عدالة في عملية توزيع الخسائر. العدالة الوحيدة تكمن في عدم تحميل المودع أي خسارة. بل على الدولة أن تتحمل مع مصرف لبنان والمصارف. وعلى أصحاب المصارف الأغنياء الذين أخرجوا اموالهم من البلاد، رد تلك الأموال أو بيع أصول لهم لتسديد أموال المودعين الذين يعتبرون الحلقة الأضعف ومن غير الجائز هضم حقوقهم”.

وبالنسبة الى استعادة الأموال المحوّلة الى الخارج بعد 19 تشرين الأول 2019، اعتبر ذلك “بالأمر الملحّ اذ من الضروري استعادة الأموال المنهوبة والمهربة من دون وجه حق”. أما ليلرة الودائع، “فلا يمكن المضي بها من دون موافقة المودع مهما احتسب سعر الصرف”، أكّد حبيقة. ولكن اذا كان المودع مخيّراً بين ليلرة ودائعه أو إبقائها بالدولار فهذا الأمر ممكن وأؤيده، علماً أنه ليس خياراً مطروحاً حالياً”. ولا يعتبر حبيقة أن شطب 47 مليار دولار من الفوائد المتراكمة على الودائع، أمر جائز. فالفائدة التي كانت تمنحها المصارف لمودعيها لم تفرض بالقوة، بل قامت المصارف بهذا الإجراء بكامل رضاها، لذلك لا يجوز شطبها لأن المودع غير مذنب.

وبالنسبة الى المعالجات التي من الممكن للقطاع المصرفي الشروع بها، قال حبيقة أنه “مع الدمج الطوعي للمصارف البالغ عددها 46 مصرفاً وصولاً الى 20 مصرفاً وهو عدد جيد بالنسبة الى بلد صغير مثل لبنان. على ان يضخّ اصحاب المصارف العشرين أموالاً في تلك البنوك يتم استقدامها من حساباتهم في الخارج بهدف رسملتها، الأمر الذي يدفع المغتربين اللبنانيين وحتى الأجانب الى الإنخراط أكثر في القطاع المصرفي”.

مصدرنداء الوطن - باتريسيا جلاد
المادة السابقةميزانية الوهم بـ ١٤ صفراً مكعباً
المقالة القادمةتعاميم مصرف لبنان لا تلجم سعر صرف الدولار… إلا إذا!