يصمّ وزير الاتصالات جوني القرم أذنيه عن كلّ الانتقادات التي يتعرّض لها تحت عنوان تجاوز الهيئات الرقابية، ويقول أمس في توضيح له إنّ عمله مبنيّ على «وضع دفاتر شروط علميّة وواضحة لإطلاق المزايدات والمناقصات، غير مفصّلة على قياسات معيّنة إنّما تُعطي فرصاً متساوية للجميع». ولكن عن أيّ مزايدات ومناقصات يتحدث معاليه؟
يحمل البند من جدول أعمال مجلس الوزراء «طلب وزارة الاتصالات الموافقة على التعاقد بالتراضي من أجل تحديث نظام ضمان الجودة لدى شركتي الهاتف الخلوي». يتصرّف القرم وكأنّ قانون الشراء العام بات بالياً أو غير موجود بالأساس، ويتجاوز من دون أن يرفّ له جفن كل مقتضيات القانون، لا سيما المادة 46 التي تحدد شروط الاتفاق الرضائي والتي يمكن اختصارها بعدم توفُّر موضوع الشراء إلّا عند مورِّد أو مقاول واحد، حالات الطوارئ والإغاثة، حالة العجلة القصوى، الطابع السري من أجل مقتضيات الأمن أو الدفاع الوطني، عدم إمكانية توقُّع الحاجة الإضافية أثناء التعاقد الأساسي… فأيّ من هذه الشروط متوفر في عقد تحديث نظام ضمان الجودة؟
أكثر من ذلك، تكفي جردة سريعة لمسار علاقة الوزير مع الهيئات الرقابية للتأكد من أنّه كاره لتلك الهيئات. إذ تجاوز في ملف تلزيم البريد توصية هيئة الشراء العام بضرورة إجراء دراسة مسبقة للسوق، الأمر الذي عاد وأيده ديوان المحاسبة وشكل أحد الأسباب الرئيسية لرفض نتائج مزايدتها الثالثة.
هذه الدراسة للسوق غابت أيضاً في تلزيم خدمة الـA2P عبر شركة «تاتش»، والتي جرت قبل صدور قانون هيئة الشراء العام، ما أظهر الفجوة بين أرقامها وأرقام المزايدة التي أجرتها شركة «ألفا» بعد صدور قانون الشراء العام، فأوصت الهيئة بإلغاء نتائج الصفقة، وجاء قرار ديوان المحاسبة متناغماً مع توصية الهيئة.
كما أوصت هيئة الشراء العام بملف تلزيم خدمة المحفظة الإلكترونية بتقديمها عبر شركتي الإتصالات «تاتش» و»ألفا» مباشرة، الأمر الذي رفضه القرم الذي كان قد عرض ملف تلزيم الخدمة عبر شركة «ألفا» من خلال شركة سيول لتحويل الأموال، ومن دون إطلاق أي مزايدة، وأصر على الأمر خلافاً لرأي هيئة الشراء العام، قبل أن يعود ويعلن أنه صرف النظر، ولو أنّ المعلومات تقول إنّه يهندس دفتر شروط على قياس الشركة.