لا يتوقف عدّاد الصرف أو الحسومات على الرواتب عن «العدّ». في كل يوم تسجّل شكاوى لدى وزارة العمل والنقابات. ولئن كان يصعب تحصيل رقمٍ واحد لجيش المصروفين أو الذين باتوا بنصف راتب أو بربعه، نظراً إلى كثرة الجهات التي يلجأ إليها الشاكون، من وزارة العمل إلى الاتحاد العمالي العام إلى المرصد اللبناني لحقوق العمال والمستخدمين إلى الاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين، إلا أن ارتفاع أعداد الشكاوى لدى وزارة «الوصاية» يشي بصعوبة الواقع. إذ يشير آخر إحصاءات الوزارة إلى أن «عدد شكاوى المصروفين الفردية المسجلة بلغت 1953 والشكاوى الجماعية 129» في الفترة الممتدة بين تشرين الأول 2019 وتشرين الثاني 2020. وفي الفترة نفسها، بلغت أعداد طلبات التشاور التي تقدّمت بها الشركات 384، منها 26 طلباً صريحاً لخفض رواتب العمال. وهو رقم يتخطى بكثير ما كان عليه عام 2018 (55 طلباً). وغالباً ما تتقدم المؤسسات بتلك الطلبات «متذرعة بالوضع الاقتصادي لصرف العمال فقط»، على ما يقول مصدر في وزارة العمل.
وزيرة العمل، لمياء يمين، تتحدث عن مسار بات يومياً في تلقّي «الشكاوى المستمرة منذ الربيع الماضي». ومع الأخذ في الاعتبار «وضع المؤسسات»، تدعو يمّين إلى «إنصاف العمّال لأنهم الحلقة الأضع». لذلك، حذّرت في بيانها الأخير المؤسسات «من مغبة خفض الأجور من دون أي مبرر قانوني ومن دون أي خفض لساعات العمل»، لأن ذلك «مساس بعنصر أساسي من عناصر عقد العمل ومخالفة واضحة لأحكام قانون العمل».
مع ذلك، أرقام وزارة العمل ليست نهائية لمن باتوا بلا وظائف ولا رواتب، بدليل الاتصالات التي ترد من عمال خسروا أعمالهم أو انخفضت رواتبهم إلى عددٍ من النقابات. وفي هذا الإطار، يشير رئيس الاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين، كاسترو عبد الله، إلى أن الاتحاد يتلقّى يومياً 10 شكاوى «على الأقل»
أما الأسوأ، فهو النهج الذي تحاول إرساءه بعض المؤسسات لناحية حرمان عمالها من الرواتب خلال هذه الفترة «والاستعاضة عن ذلك بالسلف على الراتب. وتأتينا اتصالات من عمال يتقاضون سلفاً بـ100 ألف ليرة أو 50 ألفاً بدل الراتب».
ما يجعل الواقع أكثر قساوة أن الصرف يشمل كل أنواع المؤسسات بلا استثناء، من محال المواد الغذائية إلى معامل البلاط والدهان والسائقين وعمال التوزيع ومعامل الشوكولا والمولات، وفي الفترة الأخيرة من الصيدليات، إذ يلفت إلى «شكاوى كثيرة ترد عن صرف صيدليات للعمال رغم أنها من القطاعات التي لم تقفل يوماً».