حرب أوكرانيا تجبر الشركات على تعليق صفقات التمويل

اضطرت العديد من الشركات حول العالم إلى سحب أو تعليق صفقات تمويل بمليارات الدولارات منذ اندلاع الحرب الروسية – الأوكرانية، بما في ذلك الاكتتابات العامة الأولية والسندات أو القروض وعمليات الاستحواذ.

وتشير التقديرات إلى أن قيمة تلك الصفقات تتجاوز نحو 45 مليار دولار. وتعد صفقات سوق الأسهم الأميركية الأكثر تضررا من التقلبات العالمية خلال الربع الأول من 2022، بعد تأجيل كيانات طروحاتها، بينما عانت أسواق السندات اليابانية والأوروبية أيضا من تأخيرات.

وتأتي قرارات التأجيل بينما أدت الحرب إلى اضطراب أسواق التمويل، والإضرار بمعنويات المستثمرين للمخاطرة، وزيادة عدم اليقين بشأن النمو ورفع أسعار الفائدة وسلاسل التوريد.

وتعني الصفقات التي تم سحبها أن مأدبة الرسوم التي اختبرها المصرفيون العام الماضي ربما تكون على وشك التحول إلى مجاعة.

ونسبت وكالة بلومبرغ إلى ماركو بالديني، رئيس نقابة السندات في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا في بنك باركليز، قوله “تعني الأسواق المتقلبة صعوبة تنفيذ الصفقات”.

وأكد أن “مبيعات السندات عالية الجودة تراجعت مع اندلاع الحرب في أوكرانيا، ولكن في إشارة واعدة، ارتفعت الأحجام بشكل كبير مع اقترابنا من عيد الفصح”.

ومنذ أواخر فبراير الماضي أوقفت نحو 50 شركة خطط الإدراج الخاصة بها، منها ثلاثون شركة مدرجة في أسواق المال الأميركية.

ومن بين الشركات بيوكسيتران وكراون إيكويتي هولدينغز وساجيمينت بيوساينس، ويصعب تقدير القيمة الإجمالية للطروحات الأولية المؤجلة، إذ لم يكشف عن معظم أحجام المعاملات.

ومن أبرز حالات التأجيل في آسيا وأوروبا تبرز شركة أولام إنترناشيونال التي أرجأت طرحا لوحدتها الغذائية في بورصة لندن، التي كان من شأنها أن تقدر قيمة الشركة بمبلغ 17.1 مليار دولار.

كما علّقت مجموعة داليان واندي الطرح المخطط له في هونغ كونغ لوحدة مراكز التسوق، التي كانت تستهدف جمع نحو ثلاثة مليارات دولار.

وفي ضوء ذلك ترجح سوزانا ستريتر، كبيرة محللي الاستثمار والأسواق بشركة هارغريافيس لانسداون، تأجيل العديد من الخطط الخاصة بالعروض الجديدة، إلى حين تحقيق قدر أكبر من العوائد الهادئة. وقالت إن “التوقيت هو كل شيء بالنسبة للطرح العام”.

ولم تكن عمليات الاندماج والاستحواذ بحال أفضل، حيث توقفت نحو عشر صفقات تقدر قيمتها بأكثر من خمسة مليارات دولار منذ بداية الحرب.

وأدى ذلك إلى انخفاض عمليات الاندماج والاستحواذ العالمية بنسبة 15 في المئة في الربع الأول من العام الجاري إلى 1.02 تريليون دولار، وهو أدنى معدل منذ الربع الثالث من عام 2020، وفقا للبيانات التي جمعتها بلومبرغ.

وكانت عملية استحواذ شركة مايكروسوفت على شركة ألعاب الفيديو أكتيفيجن بليزارد بقيمة 69 مليار دولار، واحدة من بضع صفقات ضخمة، مع ابتعاد الشركات في الغالب عن المعاملات الكبيرة.

وشهدت أوروبا أسوأ انخفاض، حيث تراجعت عمليات الاستحواذ التي تستهدف شركات المنطقة بنسبة 38 في المئة.

وأنهت شركة سبيكتريس البريطانية مفاوضاتها في مارس الماضي لشراء شركة أوكسفورد إنسترومينتس، في صفقة كانت تقدر قيمتها بحوالي 1.8 مليار جنيه إسترليني.

وقالت شركة بيل هانت إن “الصفقات المتأخرة ستقلل من إيرادات وحدة بنوك الاستثمار التابعة لها”، في حين حذرت شركة نوميس من حدوث ضرر.

وكان تأثير الحرب محسوسا في أسواق السندات العالمية، إذ انخفض الإصدار بنسبة 14 في المئة حتى الآن هذا العام، حسب بيانات بلومبرغ.

وقامت ثماني جهات إصدار أوروبية، من بينها شركة إين بي.دبليو إينيرجي بادن فويرتيمبيرغ والشركة المالية الفرنسية كوفاس، بتعليق سندات قيمتها أكثر من خمسة مليارات دولار.

وفي اليابان، قامت سبع شركات، من بينها شركة سوميتومو ميتسوي كونستركشن وشركة توهوكو إلكتريك باور وأوريكس، بسحب إصدارات سندات محلية بلغ مجموعها 800 مليون دولار تقريبا. أما في الهند فلم تتمكن حتى شركة إنديان ريلواي فاينناس المملوكة للدولة من تجنب تأخير بيعها.

وتكافح أسواق الدين الأخرى، بما في ذلك القروض ذات الرافعة المالية والأوراق المالية المدعومة بالأصول أيضا.

وسوقت شركة كالاواي غولف لقرض قيمته 950 مليون دولار قبل تعليقه إلى أجل غير مسمى في بداية مارس الماضي، مستندة إلى ظروف السوق.

وأوقفت الشركة الألمانية للعناية بالعيون فيونيت قرضا بقيمة 795 مليون يورو في شكل قرض مشترك، في اليوم الذي اندلعت فيه الحرب.

وحتى شركة تسلا للسيارات الكهربائية اضطرت إلى تأخير بيع أكثر من مليار دولار من الأوراق المالية المدعومة بالأصول منتصف مارس الماضي، في حين اضطر أمثال دويتشه بنك إلى تعليق الصفقات التجارية المدعومة بالرهن العقاري.

وقال خبراء سكوب ريتينغ في تقرير حديث “تؤدي الحرب في أوكرانيا إلى تفاقم قيود سلسلة التوريد الحالية وزيادة تكاليف المدخلات للمقترضين من الشركات، تماما كما تستعد البنوك المركزية لتشديد الأوضاع المالية استجابة لبيانات التضخم الأسوأ منذ عقود”.

مصدرالعرب اللندنية
المادة السابقةالأردن يطلق مشروعا واعدا لدعم نشاط المطاعم السياحية
المقالة القادمةالصناعة اللبنانية تضيع في متاهة شح الدولار ونقص الكهرباء