يحمل استمرار الحرب في أوكرانيا في طياته الكثير من المخاوف التي يستشفها خبراء الاقتصاد من مخاطر فقدان الناس في المنطقة العربية الثقة في حكومات بلدانهم لعجزها عن معالجة الأزمة الاقتصادية والتي تنذر باتساع خارطة الفقر.
وحذرت لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (إسكوا) من تزايد الفقراء في دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في العام المقبل بنحو 3.7 مليون شخص ليصل المجموع إلى رقم قياسي يقارب 126 مليونا كواحدة من أبرز تداعيات أزمة شرق أوروبا على المنطقة العربية.
ورجحت اللجنة في دراسة حديثة أجرتها بالتعاون مع منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو) وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة وبرنامج الأغذية العالمي نشرتها على منصتها الإلكترونية أن تخسر الاقتصادات العربية حوالي 11 مليار دولار في العام الحالي و16.9 مليار دولار في العام المقبل.
ويتوقع أن تخسر البلدان العربية متوسطة الدخل2.3 في المئة من ناتجها المحلي الإجمالي المتوقع للعام الحالي بينما ستسجل الدول الأقل نمواً خسارة نسبتها 0.6 في المئة، بينما ستشهد البلدان المصدرة للطاقة زيادة في ناتجها المحلي الإجمالي بنحو 0.7 في المئة نتيجة لزيادة الطلب على الطاقة وارتفاع أسعارها.
ونظراً لكون روسيا وأوكرانيا مصدرين مهمين لواردات الحبوب والزيوت النباتية تحدثت الدراسة عن مخاوف تتعلق بالأمن الغذائي حيث انخفضت إمدادات الحبوب والنفط إلى المنطقة بشكل كبير بسبب الاضطرابات في سلاسل التوريد إضافة إلى العقوبات.
وأشارت الدراسة إلى أن الحرب الدائرة هناك من شأنها أن تهدد عمليات توزيع المساعدات من قبل المنظمات الإنسانية مما يعرض الملايين من اللاجئين والنازحين في المنطقة العربية لخطر الجوع.
وقالت اللجنة إن البلدان المستوردة للطاقة في المنطقة “بدأت تعاني من التأثير المضاعف لارتفاع أسعار الطاقة والسلع المستوردة الأمر الذي يهدد أمن الطاقة فيها ويخل بموازينها التجارية”، مشيرة إلى رفع بعض البلدان لأسعار الطاقة فيها.
وحققت البلدان العربية المصدرة للطاقة مكاسب غير متوقعة نتيجة للزيادة في أسعار الطاقة بما يمنحها فرصة ثمينة لاستثمار هذه العائدات الجديدة في تعزيز صناديق الثروة السيادية.
ودعت الأمينة التنفيذية للإسكوا رولا دشتي إلى مواصلة تدابير الحماية الاجتماعية أو زيادتها لاسيما تقديم السلع والإعانات الغذائية للأسر الأشد فقراً والأكثر تعرضاً للخطر.
وشددت على ضرورة بحث بلدان المنطقة فوراً في مصادر بديلة للواردات الغذائية المتأثرة بالحرب وتطبيق تدابير لحماية المستهلك لمنع الزيادات غير المبررة في أسعار المواد الغذائية.
وقالت دشتي إنه “كما أدت جائحة كورونا إلى تسريع التحول الرقمي فإن الحرب في أوكرانيا ستؤدي إلى تحولات في سلاسل التوريد بوتيرة أبطأ وذلك بفعل رسم تحالفات اقتصادية واعتماد طرق تجارية جديدة”. وأضافت “هذا الوضع يفسح المجال لتعزيز التجارة بين البلدان العربية”.
ولتسهيل تجارة الأغذية والحبوب والمواد الغذائية الأساسية فيما بين الدول العربية يرى الخبراء في الدراسة ضرورة خفض الحواجز التجارية والإجراءات والرسوم الجمركية، والتفكير في دعم إنشاء صندوق عربي لطوارئ الأمن الغذائي لمواجهة الأزمة الحالية والأزمات المستقبلية.