أفرزت تحديات تأمين مخزونات القمح نقاشات بين الخبراء حول ما يمكن أن تفعله الدول العربية في أفريقيا عندما تخنق الحرب الدائرة في أوكرانيا الإمدادات من المزودين الأساسيين، خاصة وأن من بينها مصر التي تعد أكبر مشتر لهذه المادة في العالم. وتسبب الجمع بين العقوبات الغربية السريعة وتكاليف الشحن والتأمين المرتفعة، وقبل ذلك تخفيف قيود الإغلاق بسبب الوباء، في دفع الحبوب إلى أعلى سعر لها منذ أكثر من عقد.
ويحمل هذا صدى إضافيا لدى مصر وليبيا وتونس والجزائر وبدرجة أقل المغرب وموريتانيا بعدما ساهم ارتفاع أسعار المواد الغذائية في احتجاجات قبل عقد من الزمن، مما يزيد من الضغوط على حكومات المنطقة لتحقيق درجة معقولة من الاكتفاء الذاتي من الغذاء.
ووفقا لبيانات منظمة التجارة العالمية ومنظمة الأغذية والزراعة (فاو) سلمت روسيا وأوكرانيا في عام 2020 حوالي 86 في المئة من واردات القمح إلى مصر البالغ تعداد سكانها أكثر من مئة مليون نسمة. وخصصت أكبر دولة عربية من حيث عدد السكان في ميزانيتها الحالية 22 مليار جنيه (1.4 مليار دولار) لواردات القمح، و1.15 مليار دولار أخرى لدعم الإنتاج المحلي. وتتوقع القاهرة إنتاج نحو 5 ملايين طن من المحصول المحلي بزيادة عن التقديرات السابقة البالغة 4 ملايين طن، وذلك من شأنه أن يعزز المخزونات بما يكفي لتغطية الاستهلاك حتى نوفمبر المقبل.
وتحصل دول شمال أفريقيا على نصف قمحها من روسيا وأوكرانيا اللتين تستفيدان من انخفاض تكاليف الإنتاج وتربة غنية وخصبة، ويجبر الصراع الآن جيران مصر على التأقلم أيضا مع الوضع.
أما تونس فلجأت إلى تنويع مصادر وارادت القمح. وقالت وزارة الفلاحة الأسبوع الماضي إن الحكومة تتطلع إلى كل من الأوروغواي وبلغاريا ورومانيا للحصول على إمدادات بديلة. وتستورد تونس قرابة 70 في المئة سنويا من احتياجاتها من الحبوب 90 في المئة منها هي في الأساس من مادة القمح.
ويبدو المغرب غير بعيد عن فلك التأقلم مع التقلبات. وقال عبدالقادر العلوي رئيس مجموعة المطاحن المغربية لبلومبرغ إن بلده “يعتمد على منطقة البحر الأسود لنحو 25 في المئة من وارداته من القمح، ويتوقع وصول بعض الشحنات في الأيام المقبلة”. ولكن البلد الذي يتجاوز عدد سكانه 40 مليون نسمة اتخذ المسار ذاته الذي اتخذته تونس بالبحث عن موردين آخرين وعدم الاقتصار على روسيا وأوكرانيا.
وتشير التقديرات إلى أن واردات البلد، البالغ تعداد سكانه 40 مليونا، من الحبوب بما فيها القمح بنوعيه تبلغ 7 ملايين طن، بفاتورة تفوق الملياري دولار سنويا، بينما يبلغ الإنتاج المحلي 3.1 مليون طن فقط.