خبير اقتصادي يكشف عن اسباب الأزمة والحل المؤلم لها

رغم صدور تقرير “الفاو” عن أن لبنان بين الدول التي تشكل بؤرة ساخنة للمجاعة في العالم ، لم يصدر عن الطبقة السياسية أية مؤشرات تدلّ على أنها ذاهبة باتجاه إيجاد الحلول المناسبة لتلافي الوقوع في هذه البؤرة.

أكثر من سؤال مطروح اليوم حول ما ينتظر لبنان في المرحلة المقبلة، وحول أسباب الأزمة الفعلية التي تهدد العالم ولبنان على وجه الخصوص؟ أسئلة طرحها “ليبانون ديبايت”، على الخبير الإقتصادي منير يونس الذي يعزو السبب الرئيسي للأزمة الغذائية التي تضرب لبنان والعالم، إلى الحرب الروسية الأوكرانية وباضطراب الإمداد في تصدير القمح والأسمدة، لأن المرافئ محاصرة والحصاد الأوكراني غير متاح، كما أن العقوبات على روسيا أثّرت على الإمداد بإتجاه الأسواق العالمية.

ولا يُغفل عن ذكر أسباب أخرى تؤثر في الازمة بشكل مباشر، لا سيّما ارتفاع اسعار النفط وهو الإرتفاع الأخطر منذ السبعينيات، فقد زاد ما بين نيسان 2021 ونيسان 2022 الى ما يوازي 350% ، ما تسبّب بارتفاع أسعار النقل عالمياً، وبالتالي أسعار السلع وخصوصاً القمح، الذي ضاعف من الأثر السلبي للأزمة.

وأضاف يونس، أنه وبما أن روسيا وأوكرانيا هما من أكثر الدول تصديراً للمواد الصناعية، فأن التأثير أيضاُ طال هذه الصناعات، ولم تعد الأزمة مجرد أزمة قمح.

وكشف أن العالم دخل مرحلة الركود التضخمي حيث تكون نسبة النمو منخفضة وتقابلها معدلات تضخم مرتفعة، وهي من الحالات النادرة في الإقتصاد العالمي. ولكن الدول الصناعية لديها القدرة على استيعاب الصدمات، فيما المشكلة لدى الدول الفقيرة، لأن مواردها قليلة جداً، ولذلك طلبت منظمة “الفاو” من الدول الصناعية مساعدة هذه الدول، وتحدثت في تقريرها عن 20 دولة معرضة لخطر المجاعة بينها لبنان وهو ما سيؤدي إلى اضطربات إجتماعية وعنف وغيره.

وإذ يربط يونس مدى الخوف من المجاعة مع إستمرار الحرب أو الهدنة بين أوكرانيا وروسيا ، فهو يميّز بين مؤشرات الفقر في لبنان ومؤشرات الفقر في الدول الأخرى مثل الهند التي لا يتعدى الدخل اليومي للفرد فيها الدولارين ونصف، وأمّا في لبنان فهناك شريحة شبيهة بالهند تصل إلى حدود الـ35% وهي الأسر الأشد فقراً التي يتولى البنك الدولي تمويلها، وهناك 45% يعانون فقراً متعدد الأوجه، أي الفقر في القدرة على الإلتزام بالمتطلبات الطارئة كالتعليم والطبابة، ويمكن عندها لهؤلاء أن يُصنّفوا بين الفقراء المتعددي الأوجه، وهذا الواقع، قد يؤدي إلى اضطرابات إجتماعية وأمنية وعنف.

وفي سياق متصل، يكشف يونس عن واقع مستجد في لبنان وهو ما يُسمّى بالإقتصاد الأسود أي الإقتصاد غير الشرعي، بعدما الاعتماد بات على الإقتصاد “الكاش” الذي تترعرع في ظلّه الأعمال غير الشرعية، ويؤدي إلى الفوضى. ويؤكد أن كل المعالجات عبر دعم الأسر الأكثر فقراً، ليست كافية مع استمرار حالة الإنكار لدى الطبقة السياسية والمالية في البلد ، وهو ما يضعنا أمام الخيار المؤلم المتمثل بصندوق النقد الدولي، وإلاّ مواصلة بيع الأوهام للناس وآخرها الصندوق السيادي لممتلكات الدولة.

ويتساءل يونس عمّا إذا كانوا يدركون أن قيمة أصول الدولة في حالةٍ يرثى لها، مشيراً إلى أنهم يوهمون الناس بالصندوق السيادي من دون أي تقييم فعلي للأصول. ويقارن في هذا المجال، بين الصندوق السيادي وتجربة اللبنانيين مع الصناديق الأخرى مثل صندوق المهجرين والجنوب وإنترا وغيرها. ويؤكد أن الأزمة الفعلية تنطلق من حالة الإنكار وبيع الوهم للناس والحل المؤلم والذي هو السبيل إلى الخلاص، يبقى باللجوء إلى صندوق النقد ، منتقداً من يحاول بيع أوهام النفط الذي يحتاج إلى وقت لاستخراجه إضافةً إلى أوهام الصندوق السيادي، لأن بيع الوهم هو السبيل للهروب من محاسبة الشعب لهذه الطبقة السياسية والمالية.

مصدرليبانون ديبايت
المادة السابقةأبو شقرا: موزعو المحروقات يتوجهون الى الافلاس
المقالة القادمةسلامة يخيّر اللبنانيين: كهرباء أم بنزين؟