دعاوى المودعين بأوروبا: لن يصدّها كابيتال كونترول مارق

قدم النائب نقولا نحّاس مسودّة في صيغة تقتصر على تشريع القيود القائمة على ودائع ما قبل تشرين الأوّل 2019، وحماية المصارف من أي ملاحقات قضائيّة في المحاكم اللبنانيّة أو الأجنبيّة. هذا التطوّر المفاجئ لا يمكن فهمه إلّا بمراقبة ما يجري في المحاكم الأوروبيّة، وتحديدًا تسارع الضغوط القضائيّة التي تتعرّض لها المصارف اللبنانيّة هناك. ورغم سعي المصارف للحصول على صك براءة تشريعي محلّي بمسودّة قانون الكابيتال كونترول المقترحة، في وجه هذه الدعاوى، لا يبدو أن قانوناً كهذا يمكنه فرملة صدور الأحكام ضد المصارف في أوروبا، وخصوصًا أن هذا القانون لن يملك صلاحيّة النفاذ بمفعول رجعي في المحاكم الأجنبيّة، ولو تضمّن بنوداً تنص على ذلك.

في المحاكم البريطانيّة، ثمّة ثلاثة ملفّات تنتظر صدور أحكام نهائيّة في أساس الدعاوى، بعدما قرّر النظام القضائي هناك قبول هذه الدعاوى في الشكل ومنح نفسه صلاحيّة البت فيها. مع الإشارة إلى أنّ التحدّي الأساسي في الدعاوى الثلاث كان إقرار القضاء البريطاني صلاحيته قبل البحث في أصل الدعوى. وهذا ما تمكّن المودعون تجاوزه في هذه الدعاوى الثلاث.

ففي 21 كانون الأوّل 2021، من المفترض أن يصدر الحكم القضائي الأوّل في الدعوى المرفوعة ضد بنك لبنان والمهجر، والتي تتعلّق بوديعة تقارب قيمتها 1.4 مليون دولار أميركي. المصرف المذكور كان قد حاول الضغط على المودع لإسقاط الدعوى، فهدده بإقفال حسابه وإيداع المبلغ بشيك محلّي لدى كاتب العدل، طالباً إسقاط الدعوى في بريطانيا مقابل إعادة فتح حسابه. لكن القضاء البريطاني سرعان ما أجبر المصرف على توقيع تعهّدات تقضي بإعادة فتح الحساب، وعدم ابتزاز المودع قبل البت بأساس الدعوى.

أمّا الدعوى الثانية، فمرفوعة ضد بنك عودة وسوسيتيه جنرال، من عميل تتجاوز أرصدة حساباته في المصرفين معًا حدود 4 ملايين دولار. ومن المرتقب أن يصدر الحكم النهائي بهذه الدعوى في شهر شباط المقبل، بعدما قبلت المحكمة هذه الدعوى في الشكل، وأعطت نفسها صلاحيّة البت بها في مطلع العام الحالي. وفي شهر أيّار المقبل، يكون القضاء البريطاني على موعد مع بدء المحاكمة في الدعوى المرفوعة ضد البنك اللبناني الفرنسي، من المودع جورج بيطار، علماً أن المحاكم البريطانيّة وافقت على قبول الدعوى في الشكل منذ نحو شهرين.

في القضاء الفرنسي، وصلت الملاحقات القضائيّة إلى مرحلة الحكم في أساس الدعوى، بعدما أصدر القضاء هناك منذ أيّام حكماً يلزم مصرف سرادار اللبناني برد وديعة تبلغ قيمتها 3 ملايين يورو، أودعتها سيّدة سوريّة مقيمة في فرنسا في مصرف الشرق الأدنى التجاري الذي اندمج لاحقًا مع مصرف سردار. أمّا خطورة هذه الدعوى بالنسبة للمصارف اللبنانيّة، فتكمن في كونها تشكّل سابقة قضائيّة يُبنى عليها لفرض سداد المصارف اللبنانيّة ودائع المقيمين في فرنسا، من خلال دعاوى قضائيّة مماثلة.

على وقع هذه التطورات التي تسارعت خلال الفترة الماضية، وخصوصًا مع اقتراب صدور الحكم الأوّل في المحاكم البريطانيّة هذا الشهر، وصدور الحكم الفرنسي قبل أيام، كثّفت المصارف ضغوطها لتمرير مسودة قانون الكابيتال كونترول بالسرعة القصوى. لكن من الناحية العمليّة، لا يوجد ما يلزم المحاكم البريطانيّة والفرنسيّة بتطبيق المفاعيل الرجعيّة لمسودة قانون الكابيتال كونترول، إذا تم إقراره، أي تحديدًا تلك البنود التي تبرّئ ذمّة المصارف من ممارسات المرحلة السابقة. فهذا النوع من الأحكام، تعدّه الأنظمة القضائيّة الأجنبيّة نوعاً من الغبن والإجحاف في حق المستهلك، خصوصًا بوجود تحويلات استنسابيّة قام بها مودعون آخرون خلال الفترة المشمولة بالمفعول الرجعي.

مصدرالمدن - علي نور الدين
المادة السابقةبدء أعمال إنشاءات مُتَنَزَه «6 فلاجز القدية» بمليار دولار
المقالة القادمةغسان العياش: أغلب الودائع تبخرت ورفع سعر اللولار سياسي لا نقدي وينتج عنه ارتفاع الدولار