دعم مستوردي البنزين.. ومازوت في السوق السوداء

لم ينته كلياً بعد دعم المحروقات في لبنان. فالبنك المركزي مستمر بتأمين نسبة كبيرة من الدولارات لمستوردي البنزين تصل 85% من كلفة الاستيراد بسعر أقل من السوق الموازية، مقابل الغاء الدعم كلياً عن سلع ومواد أخرى وتخفيضها الى اقل من الثلث بالنسبة للدواء.

ولم تنته السوق السوداء في هذا القطاع. ها هي مادة المازوت الأكثر من ضرورية في فصل الشتاء تعود الى السوق السوداء جزئياً بعد معلومات عن بيع الطن في السوق السوداء بـ750 دولاراً (فرش) بينما سعره الرسمي 671 دولاراً.

قطاع النفط مدعوم من زعماء وسياسيين مرتبطين به بشكل مباشر عبر ملكيات معلنة، أو بشكل غير مباشر من خلال علاقات مع معظم الشركات المهيمنة على السوق وعددها 13. وتسيطر هذه الشركات على 70% من حاجة لبنان والباقي تؤمنه الدولة التي تملك خزانات في الزهراني وطرابلس فيها طاقة تخزينية لنحو 480 ألف متر مكعب مقابل 550 ألف متر مكعب لخزانات الشركات. وليس هناك من رقابة صارمة على الخزانات العامة والخاصة، ولا على المحطات ما يسمح للشركات بتخفيض كلفتها وتعظيم ارباحها. كما انها تتحالف لاستيراد شحنات بالمشاركة لتخفيض كلفة الشحن، بينما التعرفة التي تضعها وزارة الطاقة تتضمن كلفة شحن كاملة.

وكانت كلفة دعم المحروقات بما فيها التحويلات لشركة كهرباء لبنان لزوم حاجتها للفيول نحو 3 مليارات دولار سنوياً. واستفاد اللبنانيون من دعم سخي سواء بكلفة المحروقات المتدنية كثيراً قياساً بمستوياتها العالمية، او عبر التعرفة المدعومة للكهرباء، فضلاً افادة اصحاب مولدات الأحياء المحميين سياسياً أيضاً من الوقود المدعوم. لكن ذلك السخاء الذي أفاد كثيراً شركات النفط قبل غيرهم، كان يتراكم بشكل مباشر او غير مباشر في ارقام الدين العام المتضخم بسرعة مخيفة وصلت حد التعثر واعلان التوقف عن الدفع.

تلك سياسات كانت مقصودة لافادة الشركات التي تتقاسم الأرباح مع سياسيين. ففي التسعينيات توسعت الدولة في مشاريع وطرقات مستهلكة للطاقة، ولم تلتفت لإقامة شبكات نقل عام او مشترك كما يجب. فازدهراقتناء السيارات بشكل فقاعي مصطنع.

ومع حلول الأزمة، وبمقارنة العام الماضي مع العام 2019 يمكن تسجيل تراجع نسبته 85% في استيراد وتسجيل السيارات الجديدة. وكانت ارقام الاستيراد ضربت أرقاماً قياسية بين 2006 و2018 بمتوسط فاق 30 ألفاً سنوياً بسبب الكلفة الرخيصة جداً للمحروقات عموماً والبنزين خصوصاً. حتى بات اسطول السيارات في لبنان يضاهي، من حيث النسبة الى عدد السكان، ما هو في الدول الغنية والنفطية.

ويذكر أيضاً ان الدولة وخلال 3 عقود افتقدت لسياسة تحفيز الاعتماد على الطاقة البديلة مما زاد من ارباح الشركات النفطية بشكل كبير.

وبالاضافة الى الحمايات السياسية المؤمنة، لدى الشركات بنية تحتية كبيرة. ففضلاً عن الخزانات هي تملك 68% من اسطول الشحن (صهاريج) ونصف المحطات بعدد 3100. لذا فانها محمية من دخول اي لاعب جديد يكسر هذا “الكارتل”. وتتسلح أيضاً بأن الدولة وعبر حاجز ضرورة الحصول على رخص استيراد تمنع دخول لاعبين جدد. وفي أواخر 2019 وبداية 2020 حصلت محاولة لادخال لاعب جديد تبين لاحقاً انه أيضاً مرتبط بعدد من السياسيين.

مصدرنداء الوطن
المادة السابقةالدولار الجمركي: أسعار كثيرة لضريبة واحدة
المقالة القادمةرفض “ليلرة” الودائع والحل البديل موجود… تقسيط وسندات وشهادات وصندوق سيادي