لم تُحدث مقررات لقاء الحوار الاقتصادي في بعبدا بعد أيّ فارق في الاوضاع الاقتصادية والمالية التي ظلت أمس مأزومة ولم يطرأ عليها أي جديد، وبَدا أنّ اللقاء شكّل فقط اعترافاً صريحاً بوجود الازمة، وأنه بما تقرّر فيه ربما سيكون مقدمة لقرارات غير شعبية، أُريدَ ممّن دُعيوا الى حضوره، من قيادات وقوى وفاعليات سياسية واقتصادية ومالية، أن يؤمّنوا التغطية لهذه القرارات.
وقد انصَبّت الاهتمامات الداخلية امس على تَتبّع ردود الفعل على هذه المقررات الاقتصادية التي وضعها الخبراء الاقتصاديون على مشرحة التحليل في الابعاد والخلفيات، كذلك لم تغب الاهتمامات عن ملاحقة ردود الفعل الداخلية والاقليمية والدولية على المواجهة الأخيرة بين “حزب الله” واسرائيل، وما يمكن ان تكون لها من تداعيات لاحقاً في الوقت الذي تقترب اسرائيل من انتخاباتها التشريعية في 17 من الجاري.
غداة الاجتماع الإقتصادي في القصر الجمهوري، كان الحدث البارز داخلياً أمس المحادثات التي بدأها المبعوث الفرنسي المكلف متابعة مقررات مؤتمر “سيدر” بيار دوكان، الذي التقى وزيري المال علي حسن خليل والاقتصاد منصور بطيش. وعلمت “الجمهورية” انه سيلتقي وفريق عمله الرئيس سعد الحريري عصر اليوم، في إطار جولته على المسؤولين اللبنانيين.
وأعلن دوكان بوضوح بعد لقاءَيه مع خليل وبطيش “إنّ سيدر لا يزال قائماً إذ إنه لا يوجد بند بطلان أو نهاية. فقد التزمنا في إطار سيدر ببرنامج استثمار يمتدّ على 12 عاماً. لم نقل إنّ المؤتمر موقت أو يمتدّ على 4 أو 5 سنوات. هذه هي المرحلة الأولى من برنامج الإنفاق الاستثماري. لذا، لم نقل إننا سنتوقف يوماً ما. علينا التقدم على الأصعدة الثلاثة كما ذكرت. لا يتعلّق الأمر فقط بالإصلاحات، الإصلاحات ضرورية ولكن يجب أيضاً إحراز تقدم على صعيد المشاريع. هناك برنامج استثماري واسع، أكرّر أنه يمتدّ على 12 سنة، ويجب تحديد الأولويات. وهذا ليس دور الأسرة الدولية. فهي لن تقوم بذلك بدلاً من السلطات اللبنانية. لقد علمت انّ بعض المشاريع انطلقت وبدأت تُحرز تقدّماً. اذاً، جواباً على السؤال أقول إنّ الأسرة الدولية مستعدة لمساعدة لبنان”.)
في ميزان الخبراء
الى ذلك، وبعد 24 ساعة على صدور مقررات اجتماع بعبدا الهادفة الى إنقاذ الوضعين المالي والاقتصادي، تراكمت قراءات خبراء الاقتصاد لأهمية هذه المقررات، وما إذا كانت كافية لإنجاز الإنقاذ المنشود. ومن خلال هذه القراءات يمكن استخلاص الملاحظات التالية:
أولاً – الاساس في أي مقررات اصلاحية هو التنفيذ وليس مجرد الاعلان، وبالتالي ينبغي الإنتظار للتأكّد مما اذا كان الوضع قد اختلف عن السابق عندما كانت تتخذ القرارات، وتناقش الخطط، وتبقى حبرا على ورق.
ثانياً – بعض المقررات توحي بأنها تحتاج الى وقت طويل للتنفيذ. والوضع المالي والاقتصادي لا يحتمل أي تأخير.
ثالثاً – انّ مشاريع الضرائب الجديدة لا تعتمد منهاج التصاعدية، وتقتصر على الضرائب غير المباشرة (ضريبة البنزين والـTVA) بما يجعلها ظالمة في حق الطبقتين الفقيرة والمتوسطة.
رابعاً – من دون ضرائب ورسوم جديدة لن تكون خطة خفض العجز في موازنة 2020 ممكنة، ما يعني انّ الضرائب “مضمونة”، لكن الاصلاحات هي موضع شك.