دول الخليج تبحث عن حلّ لمعضلة الجيل الخامس

تتجه المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة للمراهنة على شبكة النفاذ الراديوي المفتوحة من أجل تطوير البنية التحتية الرقمية وذلك بعد أن وجدت دول الخليج نفسها في مواجهة معضلة الجيل الخامس إثر احتدام المواجهة الاقتصادية والتكنولوجية بين الولايات المتحدة والصين.

أرخى الصراع التجاري والاقتصادي والتكنولوجي بين الولايات المتحدة والصين بظلاله على دول الخليج التي باتت تواجه معضلة بشأن الجيل الخامس، لكن الحلّ بدأ يتبلور تدريجيا بعد أن حاولت تلك الدول المراوحة بين عدم إغضاب بكين أو واشنطن مقابل الحفاظ على مصالحها، ثم اللجوء إلى المراهنة على شبكة النفاذ الراديوي المفتوحة رغم تكلفتها الباهظة.

بالرغم من صعود الديمقراطي جو بايدن إلى السلطة العام الماضي فإن الحرب التجارية بين بكين وواشنطن لم تنته، بل العكس يُتوقع بأن تتصاعد في المرحلة المقبلة لتمس بذلك تصنيع التكنولوجيا، وخاصة الجيل الخامس الذي لطالما كرست الولايات المتحدة ضغوطا على عدة دول من أجل استبعاد شركة هواوي الصينية من تطوير هذا المشروع.

ركزت عدة دول في الخليج على غرار الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية جهودها على تطوير البنية التحتية والاقتصادية، لتبرز شركة هواوي الصينية كأحد أبرز شركاء تلك الدول لأسباب حتمتها الاستحقاقات التي تواجهها. وتقول دراسة لمعهد “ميدل إيست” إن “رؤية السعودية 2030، على سبيل المثال، تهدف إلى تحويل المملكة إلى المركز الرقمي للمنطقة. في هذا الإطار، أعطت الرياض الأولوية لنشر خدمات الجيل الخامس بسرعة”.

وأضافت الدراسة التي أعدها الباحث محمد سلمان أنه “بحلول أكتوبر 2019، انضمت شركة زين السعودية إلى شركة هواوي لتقديم المرحلة الأولى من شبكة الجيل الخامس، والتي غطت 20 مدينة في المملكة. استعدادا لاستضافة معرض إكسبو 2020 (تأخر حتى عام 2021 نتيجة لجائحة كوفيد – 19) وتعزيز مكانتها كقوة تكنولوجية في الشرق الأوسط، تهدف الإمارات أيضا إلى نشر شبكة الجيل الخامس بوتيرة سريعة”.

وأوضح الباحث أن “شركتي دو (du) واتصالات (Etisalat) المشغلتين الرئيسيتين للشبكة في الإمارات، أعلنتا إقامة شراكات مع هواوي لنشر الجيل الخامس، مما يساعد على توسيع استخدامه باعتباره العمود الفقري لتقنيات اتصالات المستهلك. بحلول أكتوبر 2021، كانت اتصالات قد أكملت بنجاح أول مكالمة مستقلة بواسطة شبكات الجيل الخامس من البداية إلى النهاية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وفي عام 2022، ستتحول الأضواء العالمية إلى قطر، الدولة المضيفة لبطولة كأس العالم لكرة القدم، والتي تمثل علامة فارقة كأول مرة يُقام فيها الحدث في الشرق الأوسط. سيستقطب كأس العالم 2022 حوالي 1.7 مليون زائر إلى قطر، وهي نفسها دولة صغيرة يبلغ عدد سكانها 2.7 مليون نسمة. ولكي تصير البطولة أول كأس عالم توظف الجيل الخامس مع خدمات مثل البث المباشر بدقة 8K والواقع المعزز والافتراضي، دخلت شركة فودافون القطرية في شراكة مع هواوي، في حين عقدت شركة الاتصالات الأخرى في قطر، وهي أوريدو، شراكة مع إريكسون ونوكيا”.

ويرى سلمان أن “الخليج يقع في قلب الحرب الباردة التكنولوجية الجديدة، المحتدمة بين واشنطن، الضامن الرئيسي لأمنها، وبكين، الشريك التجاري الرئيسي والمستورد الأكبر للطاقة”.

وفي ظل الانسحاب الأميركي من المنطقة بدأت دول الخليج تعول على نفسها في محاولة لتأمين مصالحها، لكن ذلك لا ينفي سعيها إلى الموازنة بين الحفاظ على علاقات التعاون الأمني وغيره مع واشنطن دون الإضرار بالشراكة التجارية مع بكين.

في مواجهة معضلة الجيل الخامس تتجه دول الخليج إلى التعويل على مبادرة شبكة النفاذ الراديوي المفتوحة التي تعد عنصرا من النظام البيئي للاتصالات السلكية واللاسلكية، الذي يستخدم أجهزة الإرسال والاستقبال الراديوية لتوصيل الأجهزة الفردية مثل الهواتف وأجهزة الكمبيوتر بالشبكة.

يعتقد سلمان أن “الإمارات والسعودية ستستثمران في جهد جماعي لاعتماد تقنية شبكة النفاذ الراديوي المفتوحة في شبكاتهما الوطنية. بدعم من خمس شركات اتصالات – زين وموبايلي وشركة الاتصالات السعودية من السعودية واتصالات ودو من الإمارات – تركز مبادرة الخليج لشبكة النفاذ الراديوي المفتوحة على بناء شبكات مرنة للجيل الرابع والجيل الخامس من خلال اعتماد واجهة وبرامج وأجهزة مفتوحة تسمح لشركات الاتصالات بتنويع سلاسل التوريد الخاصة بها، بهدف تقليل تعرضها للتوترات الجيوسياسية الناجمة عن الحرب الباردة المستمرة بين بكين وواشنطن”.

 

 

مصدرالعرب اللندنية
المادة السابقةصندوق النقد الدولي يخفض تقديراته للنمو العالمي
المقالة القادمةفيتش تحذر من صدمة مزدوجة للدول العربية الموردة للطاقة