ديون الضمان على الدولة تجاوزت الخط الأحمر

 

يبدو أنّ الدولة تعمّم سلوكها المرتبط بعبء الدين العام، على مؤسساتها العامة. حيث أصبح وضعُ صندوق الضمان الاجتماعي مشابهاً لوضع موازنة الدولة التي تخصّص حوالى 35 في المئة من إيراداتها لخدمة الدين العام.

مع انطلاق لجنة المال في دراسة ومناقشة مشروع موازنة 2019 هناك بنود عدّة تستدعي التوقّف عندها، لمعرفة كيفية توصّل الحكومة الى نسبة العجز المستهدَفة ضمن الموازنة والمحددة بـ7,6 في المئة، رغم أنّ نصف عام انقضى على سنة 2019 وقد تخطى العجز لغاية اليوم هذه النسبة مع استمرار الصرف على القاعدة الإثني عشرية.

 

من أبرز النفقات التي لم تحتسبها الحكومة لكي تصل الى نسبة العجز الموصوفة بـ»الإنجاز» التقشفي، هي متوجّبات الدولة للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والبالغة حوالى 3000 مليار ليرة.

 

وبعد تقاعس الدولة عن تسديد مستحقات الضمان الاجتماعي على مرّ السنوات، اضطّر الاخير الى استخدام أموال المواطنين أي أموال تعويضات نهاية الخدمة لتغطية عجز فرعَي المرض والأمومة والتعويضات العائلية، رغم أنّ قانون الضمان الاجتماعي لا يجيز هذا الامر.

 

ورغم أنّ وزير العمل كميل أبوسليمان وصف ما يجري في الضمان بـ»سوء ائتمان»، وأشار الى أنه تمّ الاتفاق على جدولة أموال الضمان لأنها أموال الناس، إلّا أنّ مصادر إدارية في الضمان أكّدت لـ»الجمهورية» أنّ «الدولة لم تلتزم منذ فترة طويلة، بعد عهد الرئيس فؤاد السنيورة لغاية اليوم، بتسديد ديونها للضمان، والمتفق على تقسيطها بالاضافة الى الفوائد المترتّبة عنها، وقد عُقدت اتفاقات سابقة بين الدولة وإدارة الضمان في الاعوام 2006 و2014 وآخرها في العام 2017، من اجل إعادة جدولة الديون ودفعها سنوياً مع فوائدها، إلّا أنّ الدولة لم تلتزم بأيٍّ من الاتفاقات. علماً أنّ قانون ​موازنة العام 2017 نصّ في المادة السابعة والخمسين منه على تقسيط الديون المتوجّبة للصندوق على الدولة على عشرة أقساط لقاء فائدة سنوية توازي معدل الفائدة على ​سندات الخزينة​ لمدة سنة، لكنّ الدولة لم توقّع سندات وتخلّفت أيضاً عن السداد.

 

ووفقاً لآخر أرقام رسمية صادرة عن الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي في العام 2017، يتبيّن أنّ مجموع المتوجبات على الدولة اللبنانية لغاية نهاية العام 2017 وهي السنة الاخيرة التي جرى فيها قطع حساب في مؤسسة الضمان، يبلغ 2,785 مليار ليرة. مع الإشارة الى أنّ العجز المتراكم في فرع المرض والأمومة يبلغ نحو 1728 مليار ليرة (لغاية نهاية 2016) والعجز المتراكم في فرع التعويضات العائلية نحو 274 مليار ليرة.

 

وقد تمّت في العام 2017 تغطية عجز فرعي المرض والأمومة والتعويضات العائلية بسلفة من فرع نهاية الخدمة قيمتها 2002 مليار ليرة.

 

واشار المصدر الإداري في الضمان الى أنّ قيمة الدين البالغة اليوم 3000 مليار ليرة لا تشمل الفوائد المترتبة عليها، والتي إذا تمّ احتسابها لوصلت قيمتها التراكمية الى اكثر من 500 مليار ليرة.

 

وأوضح أنّ ديون الضمان البالغة 3000 مليار ليرة تمثل في غالبيتها نسبة مساهمة الدولة باشتراكات فرع المرض والامومة بالاضافة الى مساهمة الدولة باشتراكات السائقين العموميين، واشتراكات اجراء الدولة، والتي تتخلّف الدولة عن تسديدها جميعها، والتي تشكل حوالى 70 في المئة من اجمالي الدين.

 

ولفت الى انّ حوالى 250 مليار ليرة من اصل الدين تعود الى فرع التعويضات العائلية والناتجة عن تخلّف الدولة أيضاً عن تسديد اشتراكاتها لهذا الفرع.

 

وقال المصدر إنه في العام 2017، بلغ العجز السنوي لفرع المرض والامومة 190 مليار ليرة، 120 مليار ليرة منها هي قيمة الفوائد المترتبة على الدين العام 2017. وبالتالي شدّد على أنّ قيمة الفوائد التي يتكبّدها فرع المرض والأمومة على ديونه من فرع نهاية الخدمة تفوق نسبة 65 في المئة من قيمة عجزه. وباتت اشتراكات فرع المرض والامومة، في المحصّلة، مخصصة لتسديد ديون فرع نهاية الخدمة، لتصبح خدمة دين الفرع هي الجزء الاكبر من عجزه.

 

واعتبر المصدر أنّ هذا السيناريو مماثل لما تقوم به الدولة على صعيد الدين العام حيث اصبحت خدمة الدين العام تشكل حوالى 35 في المئة من موازنة الدولة.

 

وفيما اشار الى انّ تعاظم دين صندوق الضمان أصبح يشكّل خطراً على تعويضات نهاية الخدمة، أكد انّ الأموال متوفرة لتسديد تعويضات نهاية الخدمة حالياً. وأوضح انّ النقطة الإيجابية بالنسبة لفرع تعويضات نهاية الخدمة هي أنّ فوائد ديونه يتمّ تسديدها كاملة من قبل ادارة الصندوق، ليبقى اصل الدين (3000 مليار ليرة ) متراكماً.

 

وفر مالي

وشرح مصدر الضمان انّ الاموال الموجودة في حساب فرع نهاية الخدمة تفوق قيمتها، حجم التعويضات المقدّرة لعدد المضمونين المنتسبين، وذلك بسبب التعويضات المبكرة التي يتمّ سحبُها قبل انقضاء فترة الـ 20 سنة خدمة، وبالتالي يحصل المضمونون على 50 او 65 في المئة فقط من تعويضاتهم. وقد نتجت عن ذلك فوارق مالية لا يمكن تقديرها، إلّا انّ المؤكد أنها بمثابة وفر مالي.

 

واعتبر انه قد تكون الدولة تعوّل على تلك الاموال، وتتخلّف لهذا السبب عن دفع مستحقاتها للضمان بحجّة انّ الاموال متوفرة في الصندوق.

 

وقد قامت أخيراً في هذا الاطار، بإعفاء نفسها بموجب المادة 43 من مشروع موازنة 2019، من سداد فوائد الديون المترتبة عليها لصالح الضمان الإجتماعي، وقيمتها نحو 400 مليار ليرة، رابطة الأسباب الموجبة لهذا القرار، بموضوع مساهمتها البالغة واحداً في المئة من الإشتراكات المخصصة لتمويل ضمان المتقاعدين، والبالغة نحو 60 مليار ليرة كحدّ أدنى سنوياً

بواسطةرنى سعرتي
مصدرجريدة الجمهورية
المادة السابقةهذا ما سيشدد عليه عون خلال افتتاح مؤتمر الطاقة الإغترابية
المقالة القادمةلهذه الأسباب لا يطبع مصرف لبنان الليرة؟