ردّ قانون «الدولار الطالبي»: بأيّ «أكثرية مطلقة» يَمُر؟

ردّ رئيس الجمهورية ميشال عون، قانون «الدولار الطالبي» إلى مجلس النواب، ما يعني مزيداً من «الشّمشطة» للطلاب اللبنانيين في الخارج، الذين ينتظرون تحويل أهاليهم الأموال اللازمة لهم، بالعملة الأجنبية، ليدفعوا أقساطهم والدّيون المتراكمة عليهم، بدل مصاريف السكن والأكل والمواصلات والاتصالات.

ورغم أن القانون جرى إقراره على وجه «العَجَلة»، في جلسة مجلس النواب الأخيرة، لـ«إلزام المصارف العاملة في لبنان بصرف مبلغ 10,000 دولار أميركي، وفق سعر الصرف الرسمي للدولار، للطلاب اللبنانيين الجامعيين الذين يدرسون في الخارج قبل العام 2020 ـــ 2021»، إلاّ أن رئيس الجمهورية ردّه «من منطلق تحصين هذا القانون، كي يؤدّي الهدف المبتغى والمنشود من إقراره، والمتمثّل بتمكين الطلاب اللبنانيين الجامعيين من إكمال دراساتهم في الخارج»، وفق ما أورد في مرسوم الرّد.

وفنّد رئيس الجمهورية عدداً من «الثّغرات» في القانون، فأشار إلى مخالفته مبدأ «المساواة في الحقوق والواجبات بين جميع المواطنين من دون تمايز أو تفضيل»، الدستوري، من خلال «عدم شمولـ(ـه) الطلاب اللبنانيين الجامعيين الذين درسوا أو يدرسون في الخارج خلال العامين 2020 ـــ 2021 و 2021 ـــ 2022 والمسجلين في الجامعات والمعاهد التقنيّة العليا قبل إقرار القانون الذي يمكّنهم أو أولياء أمرهم من تحويل كلفة دراستهم الجامعيّة بحدود السقف المالي المُحدّد في القانون المطلوب إعادة النظر فيه».

كذلك، لفت عون نظر النواب إلى مسألة تحديد القانون سعر الصرف الرسمي للدولار صراحةً بـ1,515 ليرة لبنانية، «ما من شأنه أن يطرح أسئلة محوريّة لجهة تحديد القيمة الرسمية للدولار الأميركي بالليرة اللبنانية ومرجعية التحديد، فيما لو كانت المُشترع أو مصرف لبنان، لا سيّما في ضوء تزاحم القيم المتداولة في مختلف النصوص التنظيميّة من قرارات وتعاميم وسواها أو المعمول بها في المنصّات المستحدثة بموجب هذه النصوص، الوضع الذي من شأنه تشتيت السعر المرجعي للدولار الأميركي بالنسبة لليرة اللبنانية».

نقطة أخيرة أثارها الرئيس في مرسوم الرّد، وهي ما نصّ عليه القانون لجهة تطبيق «العقوبات المنصوص عليها في المادة 670 من قانون العقوبات»، على المصرف الممتنع عن التنفيذ، «ما يعني توصيف الامتناع جرميّاً بإساءة الأمانة واختلاس الوديعة، في حين أنّ القانون الرقم 193 تاريخ 16/10/2020 (قانون الدولار الطالبي الأساسي الذي أضاف إليه القانون الجديد بنوداً أخرى) يشمل أيضاً الطلاب والأولياء الذين لا حسابات لديهم في المصارف، أيّ لا ودائع لديهم، ما يناهض المبدأ القانوني بأن لا جرماً ولا عقوبة من دون نصّ، حيث لا يمكن تجريم مصرف لا وديعة لديه ومعاقبته عن امتناعه من تحويلها كليّاً أو جزئيّاً إلى خارج لبنان».

ويأتي ردّ القانون بعد توقيع رئيس الجمهورية 16 قانوناً كان قد أقرّه مجلس النواب في جلسته الأخيرة، وبعد توقيعه مرسوم فتح دورة استثنائية لمجلس النواب، الذي انتهت دورته العادية مع انتهاء العام المنصرم.

وبات مجلس النواب مُلزماً بإعادة النّظر في القانون الذي ردّه رئيس الجمهورية، ومن ثم التصويت عليه من جديد، مُعدّلاً أو بصيغته الحالية، بالأكثرية المطلقة، وفقاً للدستور. وهو ما سيكون الامتحان الأول لكيفية تحديد نصاب الأكثرية المطلقة، بعد عدم حسم «المجلس الدستوري» الجدل حول الأمر، فبينما يعتبر رئيس الجمهورية أن الأكثرية المطلقة هي المحدّدة نصّاً بـ65 نائباً، يرى رئيس مجلس النواب نبيه بري أن الأكثرية المطلقة تحتسب على أساس النواب الفعليين، بعد شطب النواب المتوفين والمستقيلين.

وفي حال تمرير القانون بعد إعادة النظر فيه بأكثرية تقلّ عن 65 نائباً، سيعود التّوتر الذي لم يخبُ أساساً حول كيفية تحديد النصاب، إلى الاشتعال مجدداً، تحديداً إن قرّر رئيس الجمهورية أو التيار الوطني الحر الطّعن به أمام «المجلس الدستوري»، ما يعني إدخال قضية الطلاب في الخارج في بازار صراع سياسي لا ناقة لهم فيه ولا جمل.

المادة السابقةجبارة: إرتفاع سعر الأدوية غير المدعومة بنسبة حوالي 30% يعود لسببين
المقالة القادمةزيادة تعرفة الكهرباء تمويلٌ للهدر من أموال الناس