رسالة نصوحة وتحذيرية إلى نواب حاكم مصرف لبنان

اليوم هو يوم بالغ الأهمية في لبنان يؤرخ رحيل حاكم البنك المركزي، مع توقع تولي النائب الأول مقاليد الإدارة بمساعدة نواب الحاكم الثلاثة الآخرين.

على ما يبدو فإن الإدارة الجديدة سوف تنفذ الإجراءات الصحيحة من السياسات التي تتضمن تعويم سعر الصرف الفوري (بالرغم من ان ذلك قد يستغرق بضعة أسابيع في انتظار التفويضات والإعداد الكامل) ، وايقاف طباعة العملة، وصد جميع السياسات شبه المالية مثل تمويل ميزانية الدولة، اضافة الى وضع سياج حول العملة الصعبة المتاحة لما تراه السلطة النقدية وحدها للإنفاق الضروري.

‏وخلال الفترة الزمنية اللازمة لإعداد وتنفيذ مثل هذه السياسات، وفي حال تطبيقها كما يجب، يمكن للإدارة الجديدة الاعتماد على حشد الدعم من جميع الإصلاحيين والخبراء والاقتصاديين والمنظمات الدولية. لأن هذه السياسات، وبغض النظر عن قسوتها، قد طال انتظارها لوقف الممارسات الخاطئة التي سادت في العقود الماضية، وهي أيضا جزء أساسي من برنامج صندوق النقد الدولي الذي هو السبيل الوحيد للخروج من الأزمة.

‏في هذه الأثناء، فإن الإدارة الجديدة قد تسعى الى طلب غطاء سياسي وتفويض من الحكومة والبرلمان للإنفاق من «الاحتياطي»، وهذه خطوة تكتيكية خاطئة وعواقبها وخيمة، اذ ان مصرف لبنان يتمتع بالاستقلالية الكاملة في وضع وتنفيذ السياسات النقدية، وهو محمي بالكامل بموجب القوانين القائمة بصفته السلطة النقدية الوحيدة في البلاد التي تضع القواعد الخاصة بها (وليس الطبقة السياسية) ، ولمصرف لبنان سلطة توجيه إنذار نهائي للطبقة السياسية وليس العكس.

‏لقد وضعت الادارة الجديدة في حساباتها طلب الاذن من الطبقة السياسية للتنازل عن سلطة ما (مهما كانت محدودة النطاق) الى مجلس الوزراء والنواب. وبناء عليه، أتوجه الى نواب الحاكم لإعادة النظر في طلبهم للغطاء السياسي، وممارسة سلطتهم كاملةً وفقا للقوانين المرعية التي تمنحهم صلاحية العمل بشكل مستقل.

‏وأقول لنواب الحاكم: «لقد صيغ قانون النقد والتسليف بروح الاستقلال التام، فلا تبددوا هذه الاستقلالية بطلب الغطاء السياسي الذي سوف يقيد مساعيكم ويؤدي بها الى منحدر زلق ، كما يتوجب عليكم النأي بالنفس عن أي تدخل سياسي، فسلطتكم مستقاة من قانون النقد والتسليف، وما تبقى من أمور أخرى تقع تحت مسؤولية وزارة المالية ومجلس الوزراء والبرلمان».

‏فمن الضروري وضع قواعد المعركة بدءاً من اليوم الأول!

مصدرنداء الوطن - هنري شاوول
المادة السابقةINKRIPT مجدّداً: المستحقّات أوّلاً أم المخالفات؟
المقالة القادمةمنصة الدولار الجديدة شرّ لا بد منه